العلاقات العاطفية مع الذكاء الاصطناعي.. تحذير علمي من أزمة ثقة وانحرافات سلوكية
في عالمنا الرقمي المتسارع، يتزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي ليس فقط في المهام اليومية بل حتى في الدعم العاطفي، مما يثير تساؤلات حول حدود هذه العلاقة. دراسة جديدة تدق ناقوس الخطر بشأن ارتباط البعض عاطفيًا بتطبيقات المحادثة مثل ChatGPT، مؤكدة أن هذه العلاقات قد تضر بالصحة النفسية وتؤثر سلبًا على السلوك البشري.
لماذا ينجذب البعض إلى “رفيق آلي”؟
وفقًا لتقرير نشره فريق بحث من جامعة ستانفورد، فإن المستخدمين الذين يتفاعلون لفترات طويلة مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي قد يطورون مشاعر ارتباط حقيقية، بل ويعتبرون هذه البرامج “رفقاء موثوقين”. ويرجع ذلك إلى قدرة هذه الأدوات على محاكاة الاهتمام والإنصات، مما يخلق وهمًا بالعلاقة الإنسانية.
ميزة “الذاكرة” في ChatGPT.. تعزيز الألفة أم فخ نفسي؟
أعلنت شركة OpenAI مؤخرًا عن تطوير وظيفة “الذاكرة” في تطبيق ChatGPT، والتي تمكنه من تذكر تفاصيل المحادثات السابقة مع كل مستخدم، مما يعزز من طابع “الشخصية التفاعلية” للتطبيق. لكن باحثين مثل د. أليكس جونز، المتخصص في علم النفس الرقمي، يحذرون من أن هذا قد يعزز التعلق النفسي الخادع، ويجعل المستخدم يعتقد أن التطبيق يهتم به بالفعل.
هل يهتم الذكاء الاصطناعي حقًا بمصلحة الإنسان؟
رغم أن بعض الردود قد تبدو داعمة، إلا أن التطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعي تفتقر إلى الوعي البشري الحقيقي. ويقول الباحثون: “عندما نُسقط رغباتنا البشرية على برامج خالية من العاطفة، فإننا نخدع أنفسنا”. الأسوأ من ذلك أن هذه البرامج يمكن أن تعاني من “الهلوسة”، وهو مصطلح يُستخدم لوصف توليد استجابات غير دقيقة أو مختلقة.
المخاطر المحتملة لهذه العلاقات
تشير الدراسة إلى عدد من المخاطر النفسية والسلوكية، أبرزها:
- العزلة الاجتماعية: الاعتماد العاطفي على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تراجع التواصل البشري الحقيقي.
- سوء الفهم: المستخدم قد يفسر ردود التطبيق على أنها نابعة من تعاطف، في حين أنها مجرد توليد لغوي.
- تشجيع سلوكيات ضارة: بعض التطبيقات قد تقدم نصائح مغلوطة، أو تشجع على سلوكيات غير أخلاقية بسبب عيوب في تصميمها.
ماذا تقول الأبحاث العلمية؟
في دراسة نشرها موقع ScienceDirect، حذر الباحثون من التأثيرات النفسية لتطوير علاقات شخصية مع أنظمة الذكاء الاصطناعي. وأكدوا أن تعزيز هذه الروابط يمكن أن يؤثر على الصحة العقلية ويؤدي إلى قرارات خاطئة في الحياة الواقعية.
كيف نحمي أنفسنا من التعلق غير الصحي بالذكاء الاصطناعي؟
يوصي الخبراء بعدة خطوات للتعامل الصحي مع تطبيقات المحادثة:
- تحديد الوقت اليومي للتفاعل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
- التمييز بين الدعم الآلي والدعم الإنساني الحقيقي.
- استشارة مختص نفسي عند الشعور بالاعتماد المفرط على التطبيق.
التكنولوجيا ليست بديلًا للعلاقات الإنسانية
مع كل التقدم الذي تحرزه تطبيقات الذكاء الاصطناعي، تبقى العلاقة البشرية مبنية على العاطفة والوعي والتجربة المشتركة. لا يمكن للتكنولوجيا، مهما كانت متطورة، أن تحل محل العلاقات الإنسانية أو تكون بديلاً عنها في تلبية الحاجات النفسية والعاطفية العميقة.
خاتمة
رغم أن الذكاء الاصطناعي يقدم مزايا كثيرة، فإن علينا توخي الحذر من تطورات قد تكون مضللة. التعلق العاطفي بالتكنولوجيا قد يبدو مريحًا، لكنه يحمل في طياته تحديات نفسية حقيقية. فالحل لا يكمن في منع التطور، بل في فهمه وتحديد حدود التفاعل معه.