حكم دفع الأموال لأداء الحج عن الغير .. فتوى شرعية موثقة من دار الإفتاء
حكم دفع الأموال لأداء الحج عن الغير: فتوى شرعية موثقة من دار الإفتاء
أوضحت دار الإفتاء المصرية في فتوى حديثة موقف الشرع من دفع أموال لشخص ليقوم بأداء الحج عن آخر غير قادر صحيًا، مشيرة إلى أن الإسلام أجاز هذا الفعل بشروط محددة، وذلك حرصًا على التيسير وعدم تعطيل أداء الشعائر عن من عجز عنها.
الحج عن الغير: من يحق له الاستعانة بشخص آخر؟
أفادت دار الإفتاء أنه يجوز للمسلم غير القادر بدنيًا على أداء الحج أن يستأجر أو يوكّل شخصًا آخر للحج عنه، بشرط أن يكون هذا النائب قد أدى الفريضة عن نفسه أولًا. ويُطلق الفقهاء على الشخص الذي لا يستطيع الحج بنفسه بسبب عجز بدني دائم أو مزمن اسم “المعضوب”.
كما يجوز الحج عن الأشخاص المتوفين، أو المرضى الذين لا يُرجى شفاؤهم، أو كبار السن العاجزين عن ركوب وسيلة السفر، سواء كان ذلك بأجر أو تبرع.
دليل شرعي من السنة النبوية
استدلت دار الإفتاء بحديث صحيح ورد في صحيحي البخاري ومسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن امرأة سألت النبي ﷺ عن إمكانية الحج عن والدها العاجز، فقال لها: «نَعَمْ»، في إشارة واضحة إلى جواز النيابة في الحج عند العجز.
ما يُعد عذرًا شرعيًا للعجز عن الحج؟
بيّنت الفتوى أن العجز يُعدّ مبررًا شرعيًا للحج بالنيابة إذا كان نتيجة لأحد الأسباب الآتية:
- الوفاة.
- المرض المزمن الذي لا يُرجى شفاؤه (مثل الشلل أو العمى الكامل).
- الشيخوخة المتقدمة التي تمنع الاستمساك الجسدي.
- عدم وجود محرم للمرأة.
- الخوف على النفس بسبب عدم أمن الطريق.
وفي جميع الحالات، يُشترط أن يكون هذا العذر مستمرًا حتى الوفاة.
هل يجوز الاقتراض من أجل أداء فريضة الحج؟
وردًا على سؤال شائع بين الراغبين في أداء فريضة الحج، أوضحت دار الإفتاء أن الاقتراض لأداء الحج ليس واجبًا شرعًا، وهو ما أجمع عليه الفقهاء.
قال الإمام النووي في “المجموع”: لا يجب عليه استقراض مالٍ يحج به، بلا خلاف
. وهذا يدل على أن الاستدانة لأداء الفريضة ليست ملزمة، بل يُشترط توافر الاستطاعة المالية الكاملة.
متى يُباح الاقتراض للحج؟
رغم عدم وجوب الاقتراض، فقد أشارت الإفتاء إلى أنه لا مانع شرعي من الاقتراض لأداء الحج إذا كان الشخص قادرًا على سداد الدين دون أن يضرّ بمن تجب عليه نفقتهم (مثل الزوجة أو الأبناء). ويُستحسن أن يكون لديه مصدر دخل ثابت أو ممتلكات كافية لضمان السداد.
وقد نُقل عن بعض السلف النهي عن الاقتراض دون ضمان، حيث ورد عن عبد الله بن أبي أوفى قوله: يَسْتَرْزِقُ اللهَ وَلَا يَسْتَقْرِضُ
، أي يُفضل أن يطلب الرزق من الله بدلاً من الدين إذا لم يكن لديه ضمانات للسداد.
حكم من استقرض أو آجر نفسه للحج
نقلت دار الإفتاء عن الإمام سفيان الثوري قوله: لا بأس أن يحج الرجل بدَينٍ إذا كان له عروض إن مات ترك وفاءً
. أما إذا لم يكن لديه مال كافٍ أو مصدر دخل، فلا يُستحب له أن يستقرض ليحج، وإن فعل فقد أجزأه ذلك عند بعض الفقهاء.
الحج عن الغير جائز شرعًا إذا كان العاجز غير قادر بدنيًا أو توفي قبل أداء الفريضة. كما لا يُلزم المسلم بالاقتراض لأداء الحج، إلا إذا كان يملك القدرة على السداد دون أن يؤثر على من يعولهم. بذلك توازن الشريعة بين التكليف والرحمة، وتحافظ على مقاصدها في أداء الشعائر دون عنت أو ضرر.