إحالة مسؤولين بالغردقة للمحاكمة بتهمة التلاعب بأملاك الدولة

شهدت مدينة الغردقة تطورات قانونية كبيرة بعد إحالة عدد من المسؤولين للمحاكمة التأديبية بتهمة تسهيل الاستيلاء على المال العام. تركز القضية على مخالفات إدارية ومالية خطيرة في المرسى السياحي، أحد أبرز المواقع السياحية بالمدينة. في هذا المقال، نستعرض تفاصيل القضية، أسبابها، وتأثيرها على القطاع السياحي.

خلفية القضية: شكوى شركة سياحية تكشف المخالفات

بدأت القضية عندما تقدمت شركة سياحية متخصصة في إدارة المراسي واليخوت بشكوى إلى النيابة الإدارية بالغردقة. ادعت الشركة أنها وقّعت عقد إيجار مع شركة استثمار لاستخدام قطعة أرض بالمرسى السياحي، لتكتشف لاحقًا أن الأرض مملوكة للدولة وغير قابلة للتصرف. تسبب ذلك في تغريم الشركة بسبب بناء خرساني على حرم البحر، مما دفعها للإبلاغ عن تلاعب محتمل بالمستندات.

من هم المتهمون؟

شملت لائحة الاتهام مسؤولين بارزين في الوحدة المحلية لمدينة الغردقة وحي شمالها، وهم:

  • رئيسا قسم التخطيط العمراني (السابق والحالي).
  • رئيس قسم التراخيص السابق.
  • مهندستان في التخطيط العمراني.
  • مهندسة تراخيص.
  • مهندسان بالإدارة الهندسية بحي شمال الغردقة.

هؤلاء المسؤولون متهمون بالتواطؤ مع شركة استثمار لتسهيل الاستيلاء على أرض مملوكة للدولة عبر تزوير مستندات وإصدار تراخيص غير قانونية.

 

إحالة مسؤولين بالغردقة للمحاكمة بتهمة التلاعب بأملاك الدولة(1)
إحالة مسؤولين بالغردقة للمحاكمة بتهمة التلاعب بأملاك الدولة(1)

التحقيقات: كيف كشفت النيابة الإدارية المخالفات؟

أشرفت النيابة الإدارية، بقيادة المستشار عبد الله العريني ومصطفى عادل، على تحقيقات موسعة. شُكلت لجنة فنية تضم خبراء من مديرية الإسكان، هيئة المساحة، وجهاز شئون البيئة، لفحص المستندات والأراضي المتنازع عليها. كشفت التحقيقات عن مخالفات خطيرة، منها:

  • تزوير رسوم تخطيطية: تعديل حدود الأرض لتبدو ملاصقة لحرم البحر بدلاً من أرض مملوكة للدولة.
  • إصدار تراخيص غير قانونية: السماح ببناء وحدات فندقية بدلاً من مشروع سياحي كما نص الترخيص.
  • تلاعب في المستندات: إعداد مكاتبات مزورة ومهرها بخاتم الجمهورية لتسهيل تسجيل الأرض في الشهر العقاري.
  • التقاعس عن تطبيق القانون: عدم تحرير محاضر مخالفات لعدم تنفيذ جراج بالبدروم وتوصيل مرافق لعقار مخالف.

تداعيات القضية على القطاع السياحي

تُعد الغردقة وجهة سياحية عالمية، والمرسى السياحي قلبها النابض. هذه القضية تهدد سمعة المدينة كوجهة استثمارية آمنة. وفقًا لتقرير صادر عن وزارة السياحة المصرية عام 2023، ساهم القطاع السياحي بنحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي، مع استثمارات في الغردقة تتجاوز 15 مليار جنيه في مشروعات فندقية وترفيهية خلال السنوات الخمس الماضية. أي خلل إداري قد يؤثر على ثقة المستثمرين ويقلل من تدفقات السياحة. (وزارة السياحة المصرية)

يقول الدكتور محمد إسماعيل، خبير السياحة بجامعة القاهرة: “المخالفات الإدارية مثل هذه قد تؤدي إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية في القطاع السياحي، خاصة إذا شعر المستثمرون بانعدام الشفافية في التعاملات.”

ما الذي يمكن أن نتعلمه من هذه القضية؟

تسلط القضية الضوء على أهمية الشفافية والرقابة في إدارة أملاك الدولة. لتجنب تكرار مثل هذه الحوادث، يمكن اتباع الخطوات التالية:

  • تفعيل أنظمة رقابة إلكترونية لتتبع تراخيص البناء والتأكد من قانونيتها.
  • تدريب الموظفين على الأخلاقيات المهنية وتطبيق القوانين بدقة.
  • تشديد العقوبات على التلاعب بالمستندات الرسمية لردع المخالفين.

الخاتمة

إحالة مسؤولين بالغردقة للمحاكمة بتهمة تسهيل الاستيلاء على المال العام تعكس التزام النيابة الإدارية بحماية أملاك الدولة. مع استمرار التحقيقات، يتوقع أن تسهم هذه القضية في تعزيز الشفافية وردع المخالفات المستقبلية. يبقى السؤال: هل ستكون هذه القضية بداية لإصلاحات إدارية شاملة في إدارة الأملاك العامة؟