اكتشاف أثري هام في شمال سيناء يكشف أسرار التحصينات المصرية القديمة
أعلنت بعثة أثرية مصرية عن كشف فريد من نوعه بموقع تل أبوصيفي في منطقة آثار شمال سيناء، يتضمن بقايا تحصينات عسكرية، وحدات سكنية للجنود، وخندق دفاعي، يعود للعصرين البطلمي والروماني. ويعكس هذا الاكتشاف أهمية المنطقة كمركز عسكري واستراتيجي في حماية بوابة مصر الشرقية على مر العصور.
أهمية موقع تل أبوصيفي ودوره التاريخي
يقع تل أبوصيفي شمال شرقي مصر، ويُعتبر امتدادًا طبيعيًا لدور مدينة ثارو الفرعونية (تل حبوة) كموقع دفاعي متقدم. ومع تغيّر مجرى النيل وانحسار الساحل، تحولت الأهمية العسكرية إلى تل أبوصيفي، الذي لعب دورًا محوريًا في تأمين الحدود الشرقية لمصر، خاصة خلال فترات التوتر في العصور القديمة.
تفاصيل الكشف الجديد: دفاعات متكاملة ومساكن الجنود
قال الدكتور محمد إسماعيل، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن البعثة الأثرية توصلت إلى تصميم مميز لبوابتين دفاعيتين من العصرين البطلمي والروماني، إلى جانب خندق دفاعي ضخم يزيد عمقه على مترين، يُعتقد أنه كان جزءًا من منظومة يمكن تعطيلها حسب الحاجة الدفاعية.
- بوابتان شرقية دفاعيتان تعكسان الطابع المعماري العسكري في العصور القديمة.
- خندق دفاعي متكامل عند مدخل القلعة البطلمية.
- مساكن للجنود تكشف تفاصيل الحياة اليومية خلال العصر الروماني، تحديدًا في عهد الإمبراطور دقلديانوس والإمبراطور مكسيميان.
الطريق المرصوف والتحولات الصناعية بالموقع
كشف الدكتور محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية، عن طريق ضخم بعرض 11 مترًا وطول يتجاوز 100 متر، مرصوف ببلاطات من الحجر الجيري، ويمتد من خارج القلعة الرومانية إلى قلب الموقع. وقد تم بناء هذا الطريق فوق طريق أقدم من العصر البطلمي، مما يدل على استمرارية النشاط العسكري والمدني.
كما عُثر على أكثر من 500 دائرة طينية على جانبي الطريق، يُعتقد أنها استخدمت لزراعة أشجار زينت مدخل القلعة. وفي نهاية العصر الروماني، أصبح الموقع مركزًا صناعيًا لإنتاج الجير الحي، مما أدى إلى تدمير العديد من المنشآت الحجرية الأصلية.
دلائل على وجود قلعة ثالثة أقدم
أشار الدكتور هشام حسين، رئيس البعثة ومدير عام آثار سيناء، إلى اكتشاف خندق يشير إلى وجود قلعة ثالثة أقدم من القلعتين البطلمية والرومانية. وقد تم تحديد الأركان الأربعة لتلك القلعة، وجارٍ العمل على تحديد تاريخها الدقيق. كما تم الكشف عن مبانٍ مستطيلة الشكل، متلاصقة، استخدمت كمساكن خلال العصر البطلمي، ما يعكس تنوع الاستخدامات السكنية والعسكرية للموقع.
أهمية الاكتشاف في إعادة رسم خريطة الدفاعات المصرية
يُسهم هذا الكشف بشكل كبير في فهم طبيعة الدفاعات المصرية على الحدود الشرقية، ويوفر رؤى جديدة حول العمارة العسكرية وأنظمة التحصين القديمة. كما يعزز من أهمية سيناء التاريخية كممر إستراتيجي وشريان حيوي للأمن القومي المصري منذ آلاف السنين.
وأكد وزير السياحة والآثار، شريف فتحي، أن هذا الاكتشاف يعكس مدى عمق التاريخ المصري وقدرته على حماية حدوده، ويُبرز تل أبوصيفي كموقع أثري حيوي ذي أبعاد عسكرية وصناعية في آنٍ واحد.
يُعد اكتشاف التحصينات والمباني العسكرية بتل أبوصيفي إضافة جديدة للمشهد الأثري المصري، تفتح الباب أمام المزيد من الدراسات حول البنية الدفاعية والإدارية للعصور القديمة، وتسلط الضوء على الأدوار الحيوية التي لعبتها سيناء في حماية الأرض المصرية عبر التاريخ.