الأونروا تحذر .. خطر وشيك على مستقبل 800 طفل فلسطيني في القدس
أطلقت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تحذيرًا شديد اللهجة من تداعيات قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي القاضي بإغلاق ست مدارس تابعة لها في مدينة القدس الشرقية، وهو ما قد يحرم ما يقارب 800 طفل فلسطيني من حقهم الأساسي في التعليم، ويهدد استقرار المجتمع المحلي في عدد من أحياء المدينة المقدسة.
تفاصيل القرار الإسرائيلي وأبعاده القانونية
أوضحت الأونروا في بيان رسمي نشره مدير شؤونها في الضفة الغربية، رولاند فريدريش، أن القرار الإسرائيلي سيدخل حيز التنفيذ خلال أقل من عشرة أيام، ويستهدف مدارس في مناطق شعفاط، سلوان، وادي الجوز، وصور باهر. وأكد فريدريش أن هذا الإجراء يمثل انتهاكًا صريحًا للالتزامات القانونية التي تقع على عاتق دولة الاحتلال بموجب القانون الدولي، لا سيما اتفاقيات جنيف وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
رؤية الأونروا: التعليم ركيزة الاستقرار المجتمعي
قال فريدريش: “مدارس الأونروا في مخيم شعفاط ظلت لعقود جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي الفلسطيني، حيث وفّرت بيئة تعليمية آمنة للأطفال قرب منازلهم. إن إغلاق هذه المؤسسات لن يحرم الأطفال من التعليم فحسب، بل سيقوض أحلام الفتيات والفتيان في أن يصبحوا أطباء، مهندسين، أو علماء.”
ردود فعل رسمية وإدانات دولية
بدورها، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية هذا الإجراء في بيان سابق صدر بتاريخ 9 أبريل، واعتبرت القرار الإسرائيلي جزءًا من حملة أوسع تهدف إلى فرض المنهاج الإسرائيلي على الطلبة الفلسطينيين، في محاولة لطمس الهوية الوطنية والثقافية. كما أشارت الوزارة إلى أن هذا التصعيد يمثل مساسًا بالحماية التي توفرها الأمم المتحدة ووكالاتها العاملة في الأراضي المحتلة.
الخلفية القانونية والسياسية للقرار
تجدر الإشارة إلى أن الكنيست الإسرائيلي كان قد صادق في 28 أكتوبر 2024 على قانونين يحظران ممارسة الأونروا لأي نشاط داخل حدود ما يُعرف بـ”إسرائيل”، بما في ذلك القدس الشرقية التي تعتبرها إسرائيل “جزءًا من عاصمتها الموحدة”، في مخالفة واضحة للقرارات الأممية. وقد دخل هذا القرار حيز التنفيذ في يناير 2025، ما مهد الطريق لإغلاق المدارس الحالية.
مزاعم إسرائيلية مقابل نفي أممي
تستند إسرائيل في خطواتها ضد الأونروا إلى مزاعم بمشاركة موظفين تابعين للوكالة في أحداث هجوم 7 أكتوبر 2023 على مستوطنات ومواقع عسكرية قرب غزة، وهي ادعاءات نفتها الأونروا والأمم المتحدة بشدة، مؤكدتين التزام الوكالة بالحياد والشفافية في كافة أنشطتها.
مخاطر القرار على المدى البعيد
- حرمان 800 طفل من التعليم الأساسي وتهديد مستقبلهم الأكاديمي والمهني.
- تعزيز محاولات أسرلة التعليم الفلسطيني وفرض مناهج لا تعكس الهوية الوطنية.
- تقويض دور الأونروا كمؤسسة دولية محمية تعمل ضمن منظومة الأمم المتحدة.
- خلق فراغ تربوي واجتماعي في مخيم شعفاط وغيره من المناطق المستهدفة.
ما بعد؟
في ظل تصاعد التوترات السياسية، يُطرح السؤال الأهم: ما هي آليات الحماية الفعلية المتاحة للطلاب الفلسطينيين في القدس؟ وهل ستتدخل المؤسسات الدولية لوقف هذا القرار قبل تنفيذه؟ أسئلة تبقى معلقة في انتظار تحرك حاسم من المجتمع الدولي ومجلس الأمن للدفاع عن حقوق الأطفال الفلسطينيين في التعليم، بوصفه حقًا غير قابل للتصرف.
إن إغلاق مدارس الأونروا في القدس لا يشكل مجرد انتكاسة تعليمية، بل هو اعتداء مباشر على مستقبل أمة بأكملها. تتطلب هذه الخطوة تحركًا سريعًا من كافة الجهات المعنية بحقوق الإنسان لضمان استمرار التعليم كأحد الأعمدة الأساسية لصمود الشعب الفلسطيني، ورفض أي محاولة لطمس هويته أو تدمير بنيته الاجتماعية من خلال استهداف أطفاله.