الخطاب الإسرائيلي المرتبك يعكس تغيرًا استراتيجيًا نحو الدبلوماسية

في سياق معقد يتصاعد فيه التوتر السياسي والعسكري في منطقة الشرق الأوسط، سلط الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد الضوء على ملامح جديدة في المشهد الإسرائيلي. وأشار إلى أن الخطاب الرسمي الصادر عن سلطات الاحتلال بات يعاني من الارتباك، ما يعكس تغيرات داخلية عميقة، لا سيما في ظل المفاوضات التي جرت بين واشنطن وفصائل المقاومة الفلسطينية دون إشراك الجانب الإسرائيلي.

مفاوضات أحادية تضعف الثقة بين نتنياهو والإدارة الأمريكية

أبرز ما كشف عنه أبو زيد هو أن إطلاق سراح الأسير مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر تم عبر مفاوضات غير معلنة، قادتها واشنطن بشكل منفرد مع المقاومة. هذا النهج أحادي الطرف ساهم في توتير العلاقة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والإدارة الأمريكية، بقيادة الرئيس دونالد ترامب. ويعتبر ذلك مؤشرًا واضحًا على أزمة ثقة متزايدة، تعيد إلى الواجهة تساؤلات حول قدرة تل أبيب على الحفاظ على تحالفاتها الدولية في ظل فشلها المتكرر في الحسم العسكري.

الفشل العسكري يدفع نحو حل دبلوماسي

يرى أبو زيد أن إخفاق الحكومة الإسرائيلية في تحقيق نصر حاسم على الأرض ساهم في انحسار الخيارات أمامها، ليبقى المسار الدبلوماسي هو الأرجح والأقل تكلفة. واعتبر أن إدارة ترامب تميل إلى تسوية سياسية بعيدًا عن التصعيد، خاصة مع اقتراب موعد زيارته إلى المنطقة، وهو ما يفسر محاولات الضغط غير المباشرة على نتنياهو للانخراط في هذا التوجه دون عرقلة.

الخطاب الإسرائيلي المرتبك يعكس تغيرًا استراتيجيًا نحو الدبلوماسية(1)
الخطاب الإسرائيلي المرتبك يعكس تغيرًا استراتيجيًا نحو الدبلوماسية(1)

انعطافة دبلوماسية محتملة في 13 مايو

وفقًا للتحليلات الحالية، من المتوقع أن يشهد تاريخ 13 مايو – قبيل زيارة ترامب – لحظة تحول في طبيعة النزاع، من العمليات العسكرية إلى مفاوضات سياسية مكثفة. ويشير أبو زيد إلى أن المقاومة الفلسطينية نجحت في فرض معادلتها الخاصة، حيث تم إطلاق الأسرى عبر التفاوض وليس من خلال الحرب، وهو ما يُعتبر مكسبًا استراتيجيًا في ميزان القوى.

تحول إستراتيجي في نهج المقاومة وإدارة الصراع

يمثل هذا السيناريو تحولًا استراتيجيًا بارزًا في نهج المقاومة الفلسطينية، إذ استطاعت توظيف أدواتها السياسية والدبلوماسية لتحقيق مكاسب ملموسة دون الدخول في مواجهة مفتوحة. في المقابل، يواجه الاحتلال الإسرائيلي مأزقًا حقيقيًا في تبرير فشل عملياته العسكرية أمام جمهوره الداخلي وأمام شركائه الدوليين.

خلاصة تحليلية

يرجح مراقبون أن تزداد الضغوط الدولية خلال الأيام المقبلة لدفع إسرائيل نحو وقف إطلاق النار، وفتح قنوات سياسية بديلة تفضي إلى صيغة تفاوضية جديدة. فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه العسكرية يقود إلى إعادة النظر في استراتيجياته، خاصة إذا أرادت تل أبيب تفادي العزلة الدبلوماسية وتراجع الدعم الأمريكي التقليدي.

في المحصلة، تبدو المقاومة قد حققت إنجازًا مركبًا، حيث جردت الاحتلال من أوراق القوة الميدانية، وأجبرته على القبول بحل سياسي لم يكن يومًا خياره الأول. أما الداخل الإسرائيلي، فمرشح لمزيد من الانقسام في ظل الأداء المرتبك للحكومة وانكشاف خلافاتها مع أبرز حلفائها.