الرئيس السوري يصل باريس في أول زيارة رسمية لأوروبا

في تطور دبلوماسي لافت يعكس تحولاً في السياسة الخارجية السورية، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى العاصمة الفرنسية باريس، في أول زيارة رسمية له إلى أوروبا منذ سنوات. وتأتي هذه الخطوة الاستراتيجية استجابة لدعوة رسمية من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتهدف إلى إعادة فتح قنوات التعاون السياسي والاقتصادي بين سوريا وأوروبا بعد فترة طويلة من الجمود.

ما خلفية هذه الزيارة ولماذا تُعد محورية؟

الزيارة تحمل أبعادًا تتجاوز البروتوكول الدبلوماسي، إذ تعكس رغبة متبادلة في كسر الجمود الذي أعاق العلاقات السورية الأوروبية منذ اندلاع الأزمة في سوريا. بالنسبة لسوريا، تمثل هذه الخطوة فرصة لإعادة تقديم نفسها كدولة مستقرة تسعى لبناء علاقات دولية قائمة على التعاون، بينما ترى فرنسا في الحوار المباشر وسيلة لتخفيف التوترات الإقليمية وتعزيز الأمن الأوروبي المتوسط.

الرئيس السوري يصل باريس في أول زيارة رسمية لأوروبا(1)
الرئيس السوري يصل باريس في أول زيارة رسمية لأوروبا(1)

أجندة اللقاء بين الشرع وماكرون

  • إعادة الإعمار: من المتوقع أن تطرح سوريا رؤيتها لخطة إعادة إعمار ما بعد الحرب، وتطلب من فرنسا دعمًا سياسيًا واقتصاديًا في هذا الملف، خاصة في مجالات الطاقة والبنية التحتية.
  • التعاون الاقتصادي: تشير مصادر دبلوماسية إلى أن الجانبين سيناقشان آفاق التعاون في قطاعات الزراعة والصناعات الدوائية والسياحة، إلى جانب التسهيلات المحتملة للاستثمارات الفرنسية في سوريا.
  • الملف الأمني: يحتل الملف الأمني حيزًا هامًا، خاصة في ظل التحديات الحدودية، وتهديدات التنظيمات المتطرفة، والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة داخل الأراضي السورية.

أهمية الزيارة في السياق الدولي

تمثل هذه الزيارة أول حضور رسمي لرئيس سوري في إحدى العواصم الأوروبية منذ أكثر من عقد، ما يجعلها ذات رمزية عالية. فهي إشارة إلى بداية كسر العزلة الدولية المفروضة على دمشق، كما تعكس تحوّلات داخلية في الموقف الأوروبي تجاه الشرق الأوسط، خصوصًا في ظل الحاجة للتعاون في ملفات الهجرة ومكافحة الإرهاب والطاقة.

ردود الفعل الإقليمية والدولية

العديد من المراقبين يرون في هذه الزيارة بوابة لاختبار نوايا الطرفين. في حين أن بعض الأطراف الدولية ترحب بها كخطوة نحو الاستقرار، تُبدي أخرى تحفظها بسبب استمرار بعض التوترات والملفات العالقة، لاسيما في مجال حقوق الإنسان والسيادة الإقليمية.

هل تمهد الزيارة لتحول سياسي في الملف السوري؟

من السابق لأوانه الجزم بذلك، لكن مجرد قبول فرنسا – وهي عضو دائم في مجلس الأمن – باستقبال الرئيس السوري رسميًا، يفتح آفاقًا لحوار أوسع قد يشمل لاحقًا الاتحاد الأوروبي بأكمله. كما قد تشجع هذه المبادرة دولًا أوروبية أخرى على استئناف العلاقات الدبلوماسية بشكل أكثر انفتاحًا مع دمشق.

الفرص والتحديات في المرحلة المقبلة

  • فرص: فتح الأسواق الأوروبية أمام المنتجات السورية، ودعم دولي لخطط الإعمار، وتحسين صورة سوريا على الساحة الدولية.
  • تحديات: استمرار العقوبات الغربية، الملفات الحقوقية العالقة، وصعوبة تأمين بيئة استثمارية مستقرة وسط التوترات الإقليمية.

ختامًا، تمثل زيارة الرئيس السوري إلى باريس محطة مفصلية قد تسهم في إعادة تعريف العلاقات السورية الأوروبية، وتعيد إلى دمشق موطئ قدم دبلوماسي مهم في الساحة الدولية.