السفير الأميركي في بنما ينفي وجود بنود تسمح بإنشاء قواعد عسكرية أميركية
في سياق التفاعل المتزايد حول الاتفاق الأمني الأخير بين الولايات المتحدة الأميركية وبنما، خرج السفير الأميركي الجديد في بنما، كيفن كابريرا، بتصريحات حاسمة أكد فيها عدم تضمن الاتفاق لأي بند يسمح بإنشاء قواعد عسكرية أميركية في البلاد.
توضيح رسمي من السفير الأميركي
خلال مؤتمر صحافي عُقد في مقر إقامته في العاصمة البنمية، أوضح السفير كابريرا أن الاتفاق الذي تم توقيعه في نيسان/أبريل الماضي لا يحتوي على أي إشارة إلى إقامة قواعد عسكرية أميركية. وأكد أن الاتفاق يهدف فقط إلى تعزيز التعاون الثنائي في مكافحة تهريب المخدرات وحماية قناة بنما الدولية، مشيرًا إلى أن هذا التعاون يظل في إطار قانوني ولا يمس السيادة الوطنية.
الاتفاق الأمني بين بنما والولايات المتحدة: ما الذي يتضمنه؟
وقع الاتفاق في بنما بحضور وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، ويشمل السماح باستخدام ثلاث منشآت عسكرية (جوية وبحرية) لأغراض:
- إجراء تدريبات عسكرية مشتركة
- تنفيذ مناورات أمنية
- أنشطة لوجستية واستخباراتية محددة
ويمتد العمل بهذا الاتفاق لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد تلقائيًا، ما لم يعترض أحد الطرفين على ذلك.
احتجاجات محلية ورفض شعبي متصاعد
على الرغم من التأكيدات الرسمية الأميركية، خرجت العديد من المنظمات الأهلية والنقابات البنمية في مظاهرات احتجاجية ضد الاتفاق، معتبرةً أنه “يمهد لعودة النفوذ العسكري الأميركي في البلاد” بعد أكثر من عقدين على انسحاب آخر قاعدة أميركية عام 1999.
ورفعت بعض الحركات المدنية شعارات تطالب بالحفاظ على السيادة الوطنية، ورفض أي وجود عسكري أجنبي على الأراضي البنمية، خاصة في ظل مخاوف تاريخية تعود إلى العقود التي شهدت تواجداً أميركياً مكثفاً في قناة بنما والمناطق المحيطة بها.
السياق التاريخي لعلاقات بنما بالوجود العسكري الأميركي
تاريخيًا، كان للولايات المتحدة وجود عسكري واسع النطاق في بنما، خصوصًا في المنطقة المحيطة بقناة بنما، حيث أنشأت عشرات القواعد خلال القرن العشرين. لكن في عام 1999، وبموجب اتفاقيات “تورنوس” Torrijos-Carter، انسحبت القوات الأميركية بالكامل، وهو ما اعتبر حينها انتصارًا للسيادة البنمية.
وبالتالي، فإن أي خطوة قد يُنظر إليها على أنها عودة للوجود العسكري تُقابل بردود فعل قوية من المواطنين البنميين والمؤسسات المدنية، وهو ما يُفسّر حجم الجدل المثار اليوم حول الاتفاق الجديد.
بين حماية القناة والمخاوف السيادية
تشكل قناة بنما نقطة استراتيجية حيوية في التجارة الدولية، وتحرص واشنطن على التعاون مع بنما لضمان استقرارها وأمنها، خصوصًا في ظل تنامي تهديدات الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات في المنطقة. لكن بالمقابل، تصر بنما على الحفاظ على سيادتها الكاملة على أراضيها وعدم العودة إلى نمط “الوصاية العسكرية” بأي شكل.
يبقى السؤال المطروح: هل سيؤدي هذا الاتفاق إلى توتر دائم في العلاقات بين الطرفين؟ أم سيتم احتواء الجدل عبر توضيحات قانونية ومراقبة تنفيذ الاتفاق في إطاره المعلن فقط؟
في الوقت الذي تؤكد فيه الولايات المتحدة أن التعاون الأمني مع بنما لا يتضمن إقامة قواعد عسكرية، فإن الحساسية التاريخية والسياسية لهذا النوع من الاتفاقات تفرض حذرًا شديدًا في التعامل معها. ويبقى الأهم هو الشفافية والمراقبة المستقلة لضمان احترام السيادة البنمية وعدم المساس بها.