انسحاب مفاجئ لمحامي الطفل ياسين يثير التساؤلات حول الضغوط القانونية والإعلامية
في تطور لافت في واحدة من أكثر القضايا التي أثارت الرأي العام المصري مؤخرًا، أعلن المحامي عصام مهنا انسحابه الكامل من الدفاع عن الطفل ياسين، ضحية واقعة الاعتداء داخل مدرسة خاصة في دمنهور. هذا القرار المفاجئ فتح الباب أمام تساؤلات حقيقية حول مدى تأثير الضغوط النفسية والمجتمعية على سير العدالة، خاصة في القضايا التي تحظى بتغطية إعلامية واسعة.
أسباب الانسحاب.. ضغط خارج قاعة المحكمة
بحسب البيان الرسمي الصادر عن المحامي مهنا، فإن قراره لم يكن مرتبطًا بمجرى القضية أو الحكم الصادر، بل جاء نتيجة ما وصفه بـ “حملات تشويه ممنهجة” تعرض لها هو وأفراد أسرته. وأكد أن الاتهامات التي طالته شملت التشكيك في نزاهته المهنية، والطعن في شخصه، وصولًا إلى تهديد سكينة عائلته.
وأشار مهنا إلى أنه تلقى انتقادات جارحة وسباب علني على مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض وسائل الإعلام، بالرغم من محاولاته المستمرة للتمسك بالحرفية القانونية والامتناع عن الرد. ولفت إلى أن الأمر تطور ليشكل تهديدًا نفسيًا واجتماعيًا غير مقبول، ما دفعه لاتخاذ قرار الانسحاب حفاظًا على أسرته.
ماذا بعد انسحاب المحامي؟
خروج مهنا من المشهد القانوني لا يعني توقف القضية، إذ ما زالت إجراءات الاستئناف قائمة. وقد تقدم فريق الدفاع عن المتهم بطلب لإعادة النظر في الحكم، ومن المقرر أن تحدد محكمة استئناف الإسكندرية الدائرة القضائية المعنية بالقضية في الأيام المقبلة.
وفي هذا الإطار، سيستمر التقاضي أمام دوائر جنايات دمنهور، على أن تُتاح لجميع الأطراف الفرصة لتقديم دفوعهم والمستندات الجديدة اللازمة. تبقى الأنظار مشدودة إلى ما ستؤول إليه المرحلة الثانية من التقاضي، وما إذا كانت ستنصف الطفل ياسين.
رد فعل المجتمع القانوني
أثار انسحاب مهنا موجة من التضامن في الأوساط القانونية، حيث حذر عدد من المحامين من تفشي ظاهرة الضغط المجتمعي والإعلامي على العاملين في الحقل القانوني، مما قد يؤدي إلى تقويض مبادئ العدالة والنزاهة.
وفي تصريح سابق لرئيس نقابة المحامين بمحافظة البحيرة، أكد على ضرورة توفير بيئة آمنة للمحامين ليؤدوا دورهم دون خوف أو ترهيب. كما طالب بفتح نقاش موسع حول حماية المحامين في قضايا الرأي العام من الابتزاز المعنوي والتشهير.
العدالة ليست وحدها في القاعة.. الإعلام والجمهور شركاء التأثير
القضية تكشف مجددًا عن أهمية وجود إطار قانوني يحمي المدافعين عن الحقوق من أي تهديدات خارجية، خاصة في القضايا التي تحظى باهتمام شعبي. وفي وقت تلعب فيه وسائل التواصل الاجتماعي دورًا فاعلًا في تسليط الضوء، فإنها في الوقت ذاته قد تتحول إلى سلاح يؤثر على مجريات العدالة.
ويبقى السؤال المطروح: هل يمكن ضمان العدالة في ظل هذه الضغوط؟ وما السبيل لتأمين المحامين وأسرهم دون المساس بحرية التعبير والتغطية الإعلامية؟
الخطوة التالية.. العدالة على المحك
في ظل استمرار مراحل الاستئناف، تتطلع أسرة الطفل ياسين إلى تحقيق العدالة وتعويضه نفسيًا واجتماعيًا عما تعرض له. بينما تبقى القضية مفتوحة، لا من الناحية القضائية فقط، بل أيضًا على مستوى النقاش المجتمعي حول مسؤوليات الإعلام والرأي العام في القضايا الحساسة.
ومع كل جلسة مرتقبة، ستظل الأنظار موجهة نحو قاعات المحاكم، على أمل أن تُستكمل الإجراءات القانونية في مناخ نزيه، يراعي حقوق الضحايا، ويؤمن للدفاع حرية العمل دون تهديد.
تكشف قضية الطفل ياسين عن أزمة أعمق تتعلق بعلاقة القانون بالإعلام والمجتمع، ومدى تأثير ذلك على نزاهة العملية القضائية. وفي حين ينسحب محامٍ من القضية بسبب ضغوط غير قانونية، يظل الأمل قائمًا في أن ينصف القضاء الضحية، وأن تتخذ المؤسسات إجراءات تضمن حماية من يتقدم للدفاع عن المظلومين.