في منعطف خطير يشبه كابوسًا متكررًا للعاملين في قطاع الطاقة، تواصل أسعار النفط ترنحها عند مستويات غير مسبوقة منذ فبراير 2021، حيث شهدت تعاملات الثلاثاء 6 مايو 2025 انتعاشًا هامشيًا لا يخفي وراءه واقعًا مريرًا تتحكم فيه عوامل جيوسياسية واقتصادية معقدة.
قراءة في الأرقام: بين برنت وتكساس
بحسب بيانات رويترز الحصرية، سجل خام برنت ارتفاعًا طفيفًا بمقدار 10 سنتات ليستقر عند 60.33 دولار للبرميل، بينما تابع خام غرب تكساس الوسيط المسار ذاته ليصل إلى 57.23 دولار. هذه الحركة البسيطة تأتي بعد يوم دامٍ شهدت فيه الأسواق انهيارًا بنسبة 4.2%، مما يطرح تساؤلات جوهرية عن مستقبل الصناعة برمتها.
قرار “أوبك+” الجديد: زيادة الإنتاج رغم العاصفة
في خطوة أثارت جدلًا واسعًا بين المحللين، أعلنت مجموعة أوبك+ عن زيادة إنتاجها للشهر الثاني على التوالي، مع خطط لضخ 411 ألف برميل إضافية يوميًا بحلول يونيو. هذه الزيادة ستؤدي إلى:
ارتفاع الإنتاج التراكمي إلى 960 ألف برميل يوميًا منذ أبريل
استعادة 44% من التخفيضات السابقة البالغة 2.2 مليون برميل
تفاقم مخاوف الفائض مع تباطؤ النمو الصيني والأوروبي
تحليل مُعمّق.. أسعار النفط في 2025 بين تقلبات السوق وتداعيات قرارات أوبك+
الصدمة الأمريكية: النفط الصخري أمام مفترق طرق
لم تكن الشركات الأمريكية بمنأى عن العاصفة، حيث أعلنت دايموند باك إنرجي – أحد عمالقة القطاع – عن خفض توقعاتها للإنتاج لعام 2025، فيما أقدم بنك باركليز على تخفيض توقعاته لسعر برنت إلى 70 دولارًا للبرميل (-4 دولارات عن التقديرات السابقة).
خريطة الطريق: 4 سيناريوهات محتملة
السيناريو
الاحتمالية
التأثير المتوقع
تفاقم الحرب التجارية
35%
هبوط الأسعار إلى 50 دولارًا
تعافي الاقتصاد الصيني
25%
ارتفاع إلى 75 دولارًا
تغيير استراتيجية أوبك+
20%
استقرار حول 65 دولارًا
طفرة تكنولوجيا الطاقة
20%
انهيار طويل الأجل تحت 40 دولارًا
رؤى الخبراء: بين التشاؤم والتفاؤل الحذر
“نحن أمام تحول جذري في سوق الطاقة، حيث لم تعد الأسعار تحددها المعادلات التقليدية فقط، بل أصبحت رهينة الصراعات الجيوسياسية والتطورات التكنولوجية المتسارعة” – د. خالد الضويان، خبير الطاقة في معهد أكسفورد للدراسات
في المقابل، يرى بعض المحللين في بنك جولدمان ساكس أن الانخفاض الحالي مجرد تصحيح مؤقت، مع توقعات بارتفاع الأسعار بنهاية الربع الثالث مع بدء موسم السياحة العالمي.
الخلاصة: أزمة متعددة الأبعاد
تبدو الأزمة الحالية أكثر تعقيدًا من مجرد تذبذب في العرض والطلب، حيث تشتبك فيها عوامل:
تحولات جيوسياسية غير مسبوقة
تسارع تبني الطاقة المتجددة
تغير أنماط الاستهلاك العالمي
تطور تقنيات الاستخراج والتكرير
كلها عوامل تدفع نحو إعادة رسم خريطة صناعة الطاقة كما نعرفها، في اختبار حقيقي لمرونة الاقتصادات المعتمدة على النفط.