تراجع صادرات الصين من المعادن الحرجة .. تأثيرات عالمية
شهدت صادرات الصين من ثلاثة معادن أساسية – الأنتيمون، الجرمانيوم، والجاليوم – انخفاضًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، نتيجة الضوابط التصديرية الصارمة التي فرضتها بكين. هذه المعادن تلعب دورًا حيويًا في صناعات الدفاع، الرقائق الإلكترونية، والطاقة النظيفة، مما يجعل هذا التراجع حدثًا يثير اهتمام الأسواق العالمية.
أسباب الانخفاض في الصادرات
منذ عام 2023، بدأت الصين بتشديد الرقابة على تصدير هذه المعادن من خلال إدراجها في قوائم المنتجات الخاضعة للتراخيص. هذا الإجراء يتطلب من المصدرين الحصول على موافقات حكومية، مما يعزز سيطرة بكين على هذه الموارد الاستراتيجية. وفي ديسمبر 2023، فرضت الصين حظرًا كاملاً على تصدير هذه المعادن إلى الولايات المتحدة، مما أدى إلى توقف الشحنات إلى هذا السوق الرئيسي.
المعادن المعنية وأهميتها
تُعد الصين المورد الأول عالميًا للمعادن التالية:
- الأنتيمون: يستخدم في صناعة المواد المقاومة للحريق وتطبيقات الدفاع.
- الجرمانيوم: مكون أساسي في الألياف البصرية وأشباه الموصلات.
- الجاليوم: يدخل في تصنيع الرقائق الإلكترونية وتقنيات الطاقة المتجددة.
هذه المعادن ليست مجرد سلع، بل هي ركائز أساسية في سلاسل التوريد التكنولوجية العالمية.
الأرقام تتحدث: انخفاض حاد في الصادرات
وفقًا لبيانات الجمارك الصينية الصادرة في 20 أبريل 2025، سجلت صادرات المعادن الحرجة تراجعًا ملحوظًا في الربع الأول من العام:
- الأنتيمون: انخفضت الصادرات بنسبة 57% مقارنة بالعام الماضي.
- الجرمانيوم: تراجعت بنسبة 39% خلال نفس الفترة.
- الجاليوم: بلغت أدنى مستوياتها في مارس 2025 منذ أكتوبر 2023.
كما توقفت صادرات الأنتيمون إلى الولايات المتحدة منذ سبتمبر 2024، بينما لم تشهد الجرمانيوم والجاليوم أي شحنات إلى هذا السوق منذ عام 2023.
تأثيرات عالمية على سلاسل التوريد
أدت هذه الضوابط إلى استبعاد العديد من المشترين، خاصة في أوروبا، من سلاسل التوريد. على الرغم من ارتفاع أسعار هذه المعادن عالميًا بسبب ندرتها، إلا أن القيود الصينية قلصت الإمدادات المتاحة، مما يهدد استقرار الصناعات التقنية. على سبيل المثال، قد تواجه شركات تصنيع الرقائق في أوروبا تحديات في تأمين الجاليوم، مما يؤثر على إنتاج الأجهزة الإلكترونية.
لماذا تفرض الصين هذه القيود؟
تسعى الصين من خلال هذه السياسات إلى تعزيز هيمنتها على سوق المعادن النادرة، مستفيدة من موقعها كأكبر منتج عالمي. كما أن هذه الخطوة تأتي في سياق التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، حيث تستخدم بكين هذه المعادن كأداة استراتيجية في المفاوضات الدولية. وفقًا لتقرير صادر عن هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، فإن الصين تسيطر على أكثر من 90% من إنتاج الأنتيمون العالمي، مما يمنحها نفوذًا كبيرًا.
ما الذي يمكن توقعه؟
مع استمرار هذه القيود، قد تضطر الدول الأخرى إلى البحث عن مصادر بديلة أو تطوير تقنيات لإعادة التدوير. ومع ذلك، فإن بناء سلاسل توريد جديدة يتطلب سنوات، مما يعني أن التأثيرات قصيرة المدى ستظل ملموسة. يُنصح الشركات في القطاعات المتضررة بمراجعة استراتيجيات التوريد الخاصة بها والاستثمار في البدائل.