تركيا تصف الحكم اللامركزي في سوريا بـ”الحلم” وتتمسك بوحدة الأراضي السورية
في خطوة سياسية حاسمة تؤكد تمسكها بالحدود الجغرافية والسيادة الوطنية للدول المجاورة، جددت تركيا موقفها الرافض لمقترحات تطبيق نظام حكم لامركزي في سوريا، خاصة تلك المدفوعة من قبل أطراف كردية تسعى للحصول على اعتراف دولي بصيغة إدارية جديدة في شمال شرق البلاد.
ما هو موقف تركيا من الحكم اللامركزي في سوريا؟
أعلنت مصادر رسمية في وزارة الخارجية التركية أن أنقرة تعتبر أي مشروع سياسي يسعى لتقويض وحدة سوريا تهديداً مباشراً للأمن الإقليمي، ورفضت مقترحات الأكراد السوريين بشأن إنشاء نظام حكم ذاتي أو لامركزي، معتبرة ذلك “مجرد حلم سياسي” يفتقر للواقعية، بحسب تصريحات نقلتها وكالة رويترز.
وتخشى أنقرة من أن يؤدي الاعتراف بإدارة كردية مستقلة في سوريا إلى تحفيز النزعة الانفصالية داخل حدودها، نظراً لوجود ارتباطات تنظيمية بين الجماعات الكردية السورية، وتحديداً وحدات حماية الشعب، وبين حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.
ردود تركية رسمية على المقترحات الكردية
- الرئيس التركي رجب طيب إردوغان صرح بأن مشروع اللامركزية “ليس أكثر من حلم”.
- وزارة الدفاع التركية أكدت في بيان أن هذه الدعوات “تمس وحدة وسيادة سوريا”.
- الخارجية التركية أوضحت أن أنقرة “لن تقبل بأي مبادرة تسمح بحمل السلاح خارج سلطة الدولة المركزية”.
اتفاق كردي مشترك يصطدم بالرفض التركي
في تطور سياسي مهم، توصلت عدة أحزاب كردية سورية، أبرزها تحالف قوات سوريا الديمقراطية، إلى رؤية سياسية موحدة تدعو لتطبيق نظام حكم لامركزي في سوريا، في اجتماع عُقد مؤخراً. وقد رفضت دمشق هذه المبادرة، واعتبرتها تقويضاً للدولة الموحدة، وهو ما دعمته تركيا بشكل كامل.
الدور التركي في سوريا بعد الأسد
تركيا التي دعمت المعارضة المسلحة ضد نظام بشار الأسد خلال السنوات الماضية، تتبنى الآن مقاربة جديدة تقوم على دعم الحلول السياسية التي تضمن وحدة الدولة السورية، لكنها ترفض بشدة أي مخططات لتشكيل كيانات محلية تتمتع باستقلال أمني أو عسكري.
ورحبت أنقرة، بشكل مشروط، باتفاق مارس/آذار الماضي بين دمشق و”قوات سوريا الديمقراطية” الذي نص على دمج قوات الأمن والإدارات المحلية مع الحكومة السورية، لكنها طالبت بتفكيك البنية العسكرية لوحدات حماية الشعب بالكامل.
الموقف التركي من التدخلات الإسرائيلية والأمريكية
لم يقتصر الموقف التركي على الملف الكردي، بل شمل أيضاً دعوات لانسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، ووقف الضربات الجوية الإسرائيلية التي وصفتها أنقرة بـ”الاستفزازات غير المقبولة”. كما دعت تركيا إلى رفع العقوبات الغربية المفروضة على سوريا، باعتبارها تعيق جهود الاستقرار.
تحليل موقف أنقرة: حماية الأمن القومي أم تدخل في الشأن السوري؟
رغم تأكيد تركيا على احترام سيادة سوريا، يرى بعض المحللين أن هذا الموقف يتقاطع مع أهداف أنقرة في منع قيام كيان كردي على حدودها، وهو ما يفسر اعتراضها القوي على أي مبادرات سياسية يقودها الأكراد، حتى وإن كانت ضمن مسار تفاوضي داخلي سوري.
المستقبل السياسي لسوريا بين مركزية الدولة ومطالب الحكم الذاتي
بينما تسعى بعض القوى الكردية إلى تحقيق شكل من أشكال الحكم الذاتي الذي يمنحها صلاحيات إدارية وأمنية، تتمسك تركيا ومعها دمشق بالمركزية السياسية، رافضتين المساس بوحدة سوريا الجغرافية. ومع استمرار التجاذبات الإقليمية، يبقى مستقبل النظام الإداري في سوريا مفتوحًا على جميع الاحتمالات.