في إطار سعيها المتواصل للحفاظ على الموارد المائية وتعزيز كفاءة استخدامها، أعلنت شركة المياه الوطنية في المملكة العربية السعودية عن البدء بتطبيق غرامات مالية فورية على المشتركين الذين لا يتحققون من سلامة تمديدات المياه والصرف الصحي في منازلهم أو منشآتهم التجارية. وتأتي هذه الخطوة بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة، ضمن خطة استراتيجية تستهدف تقليل الهدر وتحقيق الاستدامة المائية على المدى الطويل. ويُعد هذا الإجراء جزءًا من حملة وطنية شاملة تهدف إلى رفع وعي الأفراد والمؤسسات حول أهمية فحص التمديدات بشكل دوري، والتأكد من خلوها من أي تسريبات أو أعطال قد تسبب هدراً في المياه أو ارتفاعًا في فواتير الاستهلاك.
أهمية ترشيد الاستهلاك والتحقق من التسريبات
المياه مورد ثمين يواجه تحديات جمة في المملكة، نتيجة لطبيعتها الجغرافية الصحراوية ومحدودية مصادر المياه المتجددة. وفي ظل النمو السكاني المتسارع، بات من الضروري ترسيخ ثقافة ترشيد الاستهلاك ومراقبة التسريبات التي قد تبدو بسيطة ولكنها تسبب فقدان كميات هائلة من المياه دون ملاحظة. وتشير دراسات إلى أن أكثر من 25% من استهلاك المياه في المنازل يضيع بسبب التسريبات في التمديدات الداخلية، ما يشكل عبئًا إضافيًا على شبكات التوزيع ويؤثر سلبًا على البيئة والاقتصاد المحلي. شركة المياه الوطنية تبدأ تطبيق غرامات فورية على المشتركين لعدم فحص التمديدات المنزلية والصحية
تفاصيل تطبيق الغرامات الجديدة
أوضحت شركة المياه الوطنية أن تطبيق الغرامات سيتم وفق آلية محددة تشمل عددًا من الإجراءات التصحيحية والرقابية:
التفتيش الميداني: فرق فنية متخصصة ستجري زيارات مفاجئة للمنازل والمنشآت للتأكد من سلامة التمديدات.
إشعارات إنذار: في حال رصد تسريبات، سيتم توجيه إنذار رسمي للمشترك لإصلاح الخلل خلال فترة زمنية محددة.
الغرامات المالية: عند عدم الاستجابة، سيتم فرض غرامة تبدأ من 500 ريال سعودي وتصل إلى 5000 ريال حسب حجم التسريب ومدى الضرر الناتج عنه.
تعمل الوزارة على دعم هذه المبادرة من خلال سن التشريعات اللازمة وتفعيل الرقابة، مع التركيز على:
إلزام المواطنين والمقيمين بالصيانة الدورية لتمديدات المياه والصرف الصحي.
تشجيع استخدام تقنيات ترشيد المياه مثل القطع الموفرة والأدوات الذكية.
تنظيم حملات توعية إعلامية وإرشادية حول أهمية الحفاظ على المياه.
عقوبات إضافية على إهدار المياه
إلى جانب الغرامات المتعلقة بالتسريبات، أوضحت الجهات المختصة أنه سيتم فرض عقوبات على من يثبت تورطه في هدر المياه عمدًا، وتشمل:
غرامات مالية: تصل إلى 10,000 ريال سعودي في حال تكرار المخالفة.
قطع الخدمة: إيقاف تزويد المياه مؤقتًا لحين تصحيح المخالفة.
إجراءات قانونية: للمخالفات الجسيمة التي تسبب أضرارًا بيئية أو صحية.
تجارب سابقة وتساؤلات حول آلية التطبيق
في السنوات الماضية، أثار تطبيق الغرامات على التسريبات جدلاً واسعًا، حيث واجه بعض المشتركين صعوبات في إثبات عدم مسؤوليتهم عن التسريبات. ففي عام 2014، تلقى عدد من المواطنين غرامات مرتفعة دون إنذارات مسبقة، مما أدى إلى تذمر واسع ومطالب بتحسين آلية التحقق والاعتراض. من بين تلك الحالات، اشتكى المواطن محمد علي من غرامات بلغت 5000 ريال، فيما أشار المواطن ناصر الخزامي إلى تلقيه غرامة بسبب تراكم الأتربة على عداد المياه، ما أثار تساؤلات حول دقة الفحوصات الميدانية.
أهمية الشفافية وتوفير قنوات الاعتراض
أكدت شركة المياه الوطنية أنها تعمل على تطوير منصة إلكترونية لتمكين المشتركين من تقديم اعتراضاتهم ومتابعة شكاواهم بشكل سريع وشفاف، بما يضمن العدالة في تطبيق الغرامات وعدم الإضرار بالمستهلكين الأبرياء. كما سيتم تزويد فرق التفتيش بأجهزة دقيقة لرصد التسريبات ورفع تقارير مصورة مع كل مخالفة، لتوثيق الحالة وتفادي أي لبس في تقييمها. شركة المياه الوطنية تبدأ تطبيق غرامات فورية على المشتركين لعدم فحص التمديدات المنزلية والصحية
نحو مستقبل مائي مستدام في المملكة
تُعتبر هذه الخطوة من شركة المياه الوطنية ووزارة البيئة والمياه والزراعة نقلة نوعية في إدارة الموارد المائية في المملكة، وهي تعكس حرص الدولة على حماية هذا المورد الحيوي، ورفع كفاءة استخدامه بما يضمن استدامته للأجيال القادمة. نجاح هذه الجهود يتطلب تعاونًا مشتركًا من جميع الأطراف، بدءًا من الجهات الرقابية ووصولًا إلى المواطن والمقيم، من خلال الالتزام بالتعليمات والحرص على صيانة التمديدات الداخلية بصورة دورية. إقرأ ايضاً : السعودية تعلن عن مشروع جبار في الرياض والوسطى لحل أزمة المياه وتحلية مياه البحر