ليبيا على حافة الهاوية .. تحشيدات عسكرية وأزمات متشابكة تهدد الاستقرار
تشهد الساحة الليبية تصاعداً خطيراً في حدة التوترات العسكرية والسياسية، حيث تتبادل القوى المسلحة في غرب ليبيا الاتهامات والتحذيرات، في مشهد يذكر بالأيام السوداء التي سبقت الاشتباكات المسلحة في العاصمة طرابلس.
تحذيرات عسكرية حادة وتهديدات بالرد العنيف
أصدرت “قوة حماية طرابلس” بياناً شديد اللهجة مساء السبت، اتهمت فيه قادة ميليشيات مسلحة موالية لحكومة “الوحدة الوطنية”، وعلى رأسهم عبد السلام زوبي وكيل وزارة الدفاع، بمحاولة جر العاصمة إلى ما وصفته بـ”حرب عبثية”.
وتعهدت القوة بعدم السماح لأي طرف “بعبث باستقرار العاصمة أو تهديد حياة مدنييها”، محذرة من أن أي تقدم عسكري نحو المدينة سيواجه “برد عنيف وغير مسبوق”.
مصراتة ترفض التحركات العسكرية وتتهم الدبيبة بالتواطؤ
من جهة أخرى، سجلت “كتائب وسرايا الثوار” بمصراتة رفضها القاطع للتحركات العسكرية للقوة المشتركة التابعة للمدينة باتجاه طرابلس، واصفة إياها بـ”الطعنة في ظهر الوطن”.
واتهم البيان رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة بـ”بيع الوطن للأجنبي” و”التواطؤ مع تحالفات مشبوهة”، معتبراً أن صمته “دليل على خيانة تُدبّر في الظلام”.
أزمة اقتصادية خانقة تزيد من تعقيد المشهد
في سياق متصل، كشفت حكومة “الوحدة” عن إنفاق حكومة حماد دبيبة ما يقارب 59 مليار دينار ليبي خلال العام الحالي “خارج الأطر الرسمية للدولة”، مما يشكل حسب وصفها “عبئاً مباشراً على الاقتصاد الوطني”.
وحذرت الحكومة من أن هذه التجاوزات المالية لم تعد مجرد خلل إداري، بل تحولت إلى “تهديد حقيقي للاستقرار المالي والاجتماعي” ينعكس سلباً على كل أسرة ليبية من خلال ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.
مبادرات سياسية ومطالب بخروج القوات الأجنبية
على الجانب السياسي، شهدت مدينة الزاوية انعقاد “ملتقى المصالحة الوطنية” الذي طالب بخروج القوات الأجنبية من ليبيا ودعم لجنة “6+6” المشتركة لصياغة القوانين الانتخابية.
من جانبه، جدد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح التأكيد على ضرورة إنهاء المرحلة الانتقالية “بتوافق ليبي ليبي”، محذراً من محاولات “خلق فراغ تشريعي” لوقف مسيرة الانتخابات.
تطورات أمنية على الحدود التونسية
وفي تطور أمني منفصل، أعلنت وزارة الداخلية عن ضبط مركبات ببطاقات جزائرية مزورة عند منفذ رأس جدير البري، بالإضافة إلى سلع مهربة، في إطار جهود مكافحة التهريب عبر الحدود.
خاتمة: مشهد معقد وأسئلة مصيرية
تجد ليبيا نفسها اليوم عند مفترق طرق حاسم، حيث تتداخل الأزمات العسكرية والاقتصادية والسياسية في مشهد بالغ التعقيد. الأسئلة المطروحة الآن: هل ستنجح القوى السياسية في تجنيب البلاد حرباً جديدة؟ وهل ستتمكن من إيجاد مخرج للأزمات الاقتصادية الخانقة؟ الإجابات عن هذه الأسئلة ستحدد ملامح المرحلة القادمة في تاريخ ليبيا المضطرب.
يبقى المشهد الليبي في حاجة ماسة إلى حكمة جميع الأطراف ووضع المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات، مع ضرورة دعم المجتمع الدولي للجهود الليبية الرامية إلى تحقيق الاستقرار وإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن.