فشل المفاوضات الإسرائيلية التركية في سوريا .. تحليل متعمق للأسباب والتداعيات
في تطور جديد يعكس تعقيد الملف السوري، أخفقت إسرائيل وتركيا في تحقيق أي تقدم ملموس خلال جولة المفاوضات الأخيرة التي عقدت في العاصمة الأذرية باكو هذا الأسبوع. هذه المحادثات التي جاءت في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، كشفت عن هوة واسعة في الرؤى بين الطرفين حول مستقبل الوجود العسكري في سوريا.
تفاصيل جولة المفاوضات الفاشلة
بحسب مصادر مطلعة نقلتها هيئة البث الإسرائيلية “كان”، شهدت المحادثات التي ضمت وفدين رفيعي المستوى من البلدين جموداً واضحاً، حيث لم يتمكن الطرفان من التوصل إلى أرضية مشتركة بشأن آليات خفض التصعيد في سوريا. ومن المقرر عقد جولة جديدة بعد عيد الفصح، وفقاً لما تم الاتفاق عليه بين الجانبين.
إشارات التوتر تسبق المفاوضات
لم تكن الأجواء مشجعة منذ البداية، حيث رفضت السلطات التركية السماح للطائرة العسكرية الإسرائيلية التي تقل الوفد المفاوض بالتحليق في مجالها الجوي، مما اضطر الطائرة لاتخاذ مسار أطول عبر البحر الأسود للوصول إلى باكو. هذه الحادثة شكلت مؤشراً على عمق الخلاف بين الجانبين.
مواقف متباينة تعكس اختلاف الرؤى
من جهتها، أكدت مصادر تركية أن المحادثات ركزت على “منع التصادم” في سوريا، مع تأكيدها أن العلاقات الثنائية مع إسرائيل تبقى “تقنية بحتة”. بينما تتهم إسرائيل تركيا بالسعي لتعزيز وجودها العسكري في سوريا وإنشاء قواعد دائمة هناك، وهو ما تعتبره تل أبيب خطاً أحمر.
تداعيات الفشل وخيار الوساطة الأمريكية
في تصريح مثير، أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى احتمال طلب وساطة أمريكية إذا ما تفاقم النزاع مع تركيا في الأراضي السورية. هذا التصريح يأتي في وقت تواصل إسرائيل شن ضربات جوية ضد أهداف عسكرية في سوريا، في إطار سياسة رفض أي وجود مسلح في جنوب البلاد.
خلفية الأزمة وتطورات هضبة الجولان
تعود جذور الأزمة الحالية إلى ديسمبر 2024، عندما أعلن نتنياهو أن اتفاقية فصل القوات في هضبة الجولان التي تم التوصل إليها بعد حرب 1973 لم تعد سارية المفعول، وذلك بعد تغيير السلطة في سوريا وانسحاب القوات السورية من مواقعها. وأصدرت إسرائيل أوامر للجيش بالسيطرة على منطقة الفصل، في خطوة أثارت قلقاً إقليمياً ودولياً.
ماذا بعد؟ سيناريوهات محتملة
يطرح فشل المفاوضات الأخيرة عدة تساؤلات حول مستقبل الأزمة السورية والعلاقات الإسرائيلية التركية. الخبراء يرون أن المنطقة قد تشهد:
- تصعيداً عسكرياً محدوداً في المناطق الحدودية
- زيادة الاعتماد على القنوات الدبلوماسية غير المباشرة
- دوراً أكبر للوساطة الدولية خاصة من الولايات المتحدة وروسيا
- استمرار التوتر في العلاقات الثنائية بين أنقرة وتل أبيب
في النهاية، تبقى الأزمة السورية بمثابة اختبار حقيقي لمدى قدرة الأطراف الإقليمية على إدارة خلافاتها بعيداً عن التصعيد العسكري المباشر، في ظل بيئة إقليمية متقلبة ومصالح متضاربة.