نتانياهو وتصعيد المواجهة مع البرنامج النووي الإيراني .. بين الدبلوماسية والضربات السرية
لا يزال ملف البرنامج النووي الإيراني من أبرز القضايا الاستراتيجية التي تؤرق إسرائيل، حيث صرّح ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأن الأخير قاد على مدار أكثر من عقد معركة شاملة ضد هذا المشروع، شملت عمليات دبلوماسية وعسكرية واستخباراتية على حد سواء.
ما مدى جدية التهديد النووي الإيراني؟
تعتبر إسرائيل أن امتلاك إيران لسلاح نووي يُشكل تهديدًا وجوديًا مباشرًا. وتستند هذه المخاوف إلى تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) التي أشارت في آخر تحديثاتها إلى أن طهران تواصل تخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 60%، وهي نسبة تقترب من حدود الاستخدام العسكري.
هذه الأرقام تدق ناقوس الخطر في تل أبيب، وتبرر نهج نتانياهو القائم على “الردع الاستباقي”، كما وصفه بنفسه في إحدى خطاباته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2018.
عمليات سرية على مدى سنوات.. ما الذي تحقق فعلاً؟
وفقًا لما أعلنه ديوان رئيس الوزراء، فإن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بما فيها جهاز الموساد، نفذت سلسلة من العمليات السرية التي ساهمت في إبطاء البرنامج النووي الإيراني.
- أبرزها كان عملية اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده عام 2020.
- واختراق الأرشيف النووي الإيراني عام 2018.
- بالإضافة إلى الهجمات السيبرانية التي عطّلت منشآت نطنز وأراك.
وبحسب مراقبين، فإن هذه الضربات لم توقف البرنامج بشكل كامل، لكنها “أعاقت وتيرته” وأعادت إيران إلى طاولة المفاوضات عدة مرات.
موقف المجتمع الدولي.. بين الدعم والتحفظ
لا تتفق كل الدول مع أسلوب إسرائيل في إدارة هذا الملف. فبينما تدعم الولايات المتحدة بشكل كبير الإجراءات الإسرائيلية، لا تزال قوى مثل روسيا والصين وألمانيا تدفع نحو العودة للاتفاق النووي الموقّع في 2015، والمعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA).
وفي هذا السياق، صرّح جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن “العودة للاتفاق هي السبيل الوحيد لضمان سلمية البرنامج الإيراني”.
الرسالة السياسية الداخلية في إسرائيل
تصريحات ديوان نتانياهو حول قيادته لهذه العمليات لا تخلو من بُعد سياسي داخلي. فمع تصاعد الانتقادات بشأن الوضع الاقتصادي وأزمة الاحتجاجات على التعديلات القضائية، يسعى نتانياهو لتثبيت صورته كـ”درع أمني” للدولة العبرية.
وهو ما أكد عليه المحلل السياسي “ألون بن ديفيد”، في حديثه لقناة 13 العبرية، حيث قال: “نتانياهو يعلم أن الملف الإيراني هو ورقته الأقوى لتعزيز موقعه أمام الرأي العام الإسرائيلي.”
هل تلوح الحرب في الأفق؟
السيناريو الأخطر في هذا الملف هو إمكانية التصعيد العسكري المباشر. فالخيار العسكري لا يزال مطروحًا على الطاولة، خاصة إذا ما فشلت الجهود الدبلوماسية وواصلت إيران رفع نسب التخصيب دون رقابة دولية.
وحذرت الأمم المتحدة، عبر تصريح للأمين العام أنطونيو غوتيريش، من أن أي ضربة على المنشآت النووية قد تؤدي إلى “كوارث بيئية وإنسانية تمتد لعقود”.
خاتمة: ما مستقبل الصراع؟
بين التحركات العسكرية والدبلوماسية، يظل الصراع حول البرنامج النووي الإيراني أحد أكثر الملفات تعقيدًا في الشرق الأوسط. وفي ظل تأكيد إسرائيل المستمر على منع إيران من امتلاك السلاح النووي بأي ثمن، تزداد احتمالية اندلاع مواجهات في حال انسداد الأفق السياسي.
يبقى السؤال المحوري: هل تنجح الضغوط الدولية في تجنيب المنطقة حربًا نووية محتملة؟ أم أننا نشهد فقط الهدوء الذي يسبق العاصفة؟