السيسي وبوتين يؤكدان .. استعادة الاستقرار في الشرق الأوسط أولوية مشتركة
في إطار العلاقات الاستراتيجية بين مصر وروسيا، عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي جلسة مباحثات موسعة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، خلال مشاركته في احتفالات عيد النصر بالعاصمة الروسية موسكو. اللقاء شهد تأكيداً مشتركاً على ضرورة استعادة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في ظل التصعيد المستمر في قطاع غزة.
علاقات استراتيجية متنامية بين القاهرة وموسكو
استهل الرئيس الروسي اللقاء بالتعبير عن تقديره لمشاركة الرئيس المصري في احتفالات عيد النصر، مؤكدًا عمق العلاقات بين البلدين والتي ترتكز على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقعة في عام 2018. من جانبه، هنأ السيسي نظيره الروسي بالعيد، مشيرًا إلى التقدم الملحوظ في التعاون الثنائي، لا سيما في مشاريع استراتيجية مثل محطة الضبعة النووية والمنطقة الصناعية الروسية في محور قناة السويس.
تعزيز التعاون في السياحة والطاقة والصناعة
تناول الاجتماع سبل تعزيز التعاون في قطاعات حيوية تشمل السياحة، حيث اتفق الجانبان على ضرورة العمل لزيادة أعداد السياح الروس القادمين إلى مصر، إلى جانب الترويج لمقاصد سياحية جديدة داخل السوق الروسي. كما تم بحث فرص التعاون في مجالات الطاقة، والأمن الغذائي، والتعدين، والزراعة، والتصنيع.
ملفات إقليمية: دعم مصري روسي لاستقرار الشرق الأوسط
في ظل التطورات المتسارعة في المنطقة، ناقش الرئيسان ملفات إقليمية مهمة أبرزها الوضع في قطاع غزة، حيث أكد الرئيس السيسي ضرورة وقف إطلاق النار بشكل فوري، وتكثيف الجهود لتأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع. كما شدد على أهمية إطلاق سراح المحتجزين من الجانبين كخطوة نحو خفض التصعيد.
وأشار إلى أن الحل المستدام للأزمة الفلسطينية يكمن في إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، وهو ما لاقى دعماً كاملاً من الجانب الروسي الذي ثمّن دور مصر المحوري في تهدئة الأوضاع وتبني خطة إعادة إعمار غزة التي أُقرت في القمة العربية غير العادية في مارس 2026 بالقاهرة.
مواقف مشتركة تجاه سوريا وليبيا والسودان
شملت المباحثات أيضًا الأزمة السورية والتطورات في ليبيا والسودان، حيث تبادل الرئيسان وجهات النظر بشأن سبل دعم الاستقرار وإيجاد حلول سياسية سلمية تضمن وحدة وسلامة أراضي تلك الدول. وأكد السيسي أهمية تجنب التدخلات الخارجية والعمل من خلال الحوار الوطني الشامل في كل دولة.
الأزمة الروسية الأوكرانية.. موقف مصري ثابت
فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية، شدد السيسي على موقف مصر الثابت الداعي إلى تسوية النزاعات الدولية عبر الحلول الدبلوماسية، بما يضمن احترام القانون الدولي ويحافظ على السلم والأمن العالميين. وأعرب بوتين عن احترامه لهذا التوجه المتوازن، مؤكدًا أهمية استمرار التشاور والتنسيق بين البلدين في المحافل الدولية، خاصة داخل مجموعة “بريكس”.
اللجنة المصرية الروسية المشتركة.. دفعة جديدة للتعاون
أعرب الزعيمان عن تطلعهما لنجاح الدورة القادمة للجنة التعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني بين مصر وروسيا، والتي تنعقد في موسكو خلال مايو الجاري، باعتبارها منصة استراتيجية لدفع العلاقات الثنائية نحو مزيد من التكامل والتنمية المستدامة.
يؤكد هذا اللقاء بين السيسي وبوتين على أن العلاقات المصرية الروسية ليست مجرد شراكة سياسية، بل تمتد لتشمل تعاوناً فعلياً في ملفات محورية تخص الاستقرار الإقليمي والتنمية الاقتصادية، في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى توازنات دقيقة وإرادة سياسية قوية.
الرسائل السياسية التي خرجت من هذا اللقاء تكشف عن توافق استراتيجي بين القاهرة وموسكو حول ضرورة إنهاء النزاعات الإقليمية، وتحقيق استقرار شامل بمنطقة الشرق الأوسط، عبر مسارات دبلوماسية عادلة تحفظ حقوق الشعوب وتدعم الأمن والتنمية.