في كلمة مؤثرة بمناسبة اليوم العالمي للاجئين الموافق 20 يونيو، شدد سفير تركيا لدى القاهرة، صالح موطلو شن، على أن المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤولياته بشكل أكثر عدلاً وإنصافاً في مواجهة الأزمات الإنسانية العالمية، مشيراً إلى أن العبء لا يُوزّع حالياً بالتساوي.

أزمة اللاجئين الفلسطينيين: الجرح الأقدم والأعمق

أكد سفير تركيا بالقاهرة أن قضية اللاجئين الفلسطينيين تبقى الأكبر والأخطر في العالم، حيث بدأ التهجير القسري للفلسطينيين عامي 1948 و1967، وما زال أثره مستمراً حتى اليوم. 
وقال سفير تركيا: لا يمكن إلغاء حق عودة إخواننا الفلسطينيين إلى أراضيهم، يجب أن يعودوا في إطار دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة عاصمتها القدس

وأوضح سفير تركيا لدى القاهرة أن هناك حالياً 1.5 مليون لاجئ فلسطيني يعيشون في 58 مخيماً في الضفة الغربية، وبلدان الجوار مثل الأردن ولبنان وسوريا، بالإضافة إلى قطاع غزة والقدس الشرقية.

غزة: جرح مفتوح في ضمير الإنسانية

أدان موطلو شن ما يحدث في غزة، معتبراً أن ما يجري من تهجير وقتل للمدنيين، بما في ذلك الأطفال والنساء وكبار السن، هو انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي، ويشكّل طعنة في ضمير وقيم الإنسانية، بحسب تعبيره.

كما أشار إلى دعم تركيا الكامل لموقف مصر من رفض تهجير سكان غزة، واعتبر أن خطة مصر بشأن غزة تمثل رؤية متزنة يتبناها العالم الإسلامي وعدة دول أخرى.

تركيا: أكبر مستضيف للاجئين في العالم

قال السفير موطلو إن تركيا تواجه تحديات متزايدة على صعيد الهجرة، حيث تستضيف حوالي 2.9 مليون لاجئ، من بينهم 2.7 مليون سوري.

وأضاف سفير تركيا لدى القاهرة أن بلاده لا تزال تقدم المساعدة وتحتضن اللاجئين رغم العبء الكبير.

وأشار إلى تطور مهم في هذا السياق، حيث عاد أكثر من 273 ألف سوري طوعاً من تركيا خلال الأشهر الستة الماضية، معرباً عن أمله في استمرار هذا التوجه تدريجياً بالتوازي مع تحسن الأوضاع الميدانية في سوريا.

دعوة إلى عدالة المسؤولية والتعاون الدولي

كما دعا السفير إلى تفعيل التعاون الدولي والإقليمي والثنائي كآلية ضرورية لتحقيق تقاسم عادل للمسؤوليات، مشدداً على ضرورة أن يفي المجتمع الدولي بالتزاماته في ظل تصاعد الأزمات الإنسانية عالمياً.

لا عودة قسرية وكل عودة طوعية وكريمة

أكد موطلو شن أن تركيا ترفض الإعادة القسرية، موضحًا أن كل عودة للاجئين السوريين تتم بشكل طوعي وآمن وكريم. 
وأبرز في هذا السياق فعالية مبادرة "المهاجر الرائد"، التي أتاحت لأكثر من 30 ألف سوري زيارة مناطقهم الأصلية قبل اتخاذ قرار العودة النهائية، مما جذب اهتمام دول أوروبية مثل ألمانيا وهولندا.

أزمة تمويل خطيرة تهدد اللاجئين

وفيما تضاعفت الاحتياجات الإنسانية خلال العقد الأخير، نبه سفير تركيا لدى القاهرة إلى أن التمويل الدولي لم يرتفع منذ 2015، مما يعرّض عمليات الإغاثة في أنحاء العالم بما فيها تلك التي تديرها الأمم المتحدة لمخاطر كبرى، ويزيد من معاناة اللاجئين.

وأضاف سفير تركيا لدى القاهرة أن 73% من النازحين يعيشون في دول منخفضة ومتوسطة الدخل، و67% في الدول المجاورة لمناطق النزاع، ما يوضح أن العبء لا يزال غير متوازن إطلاقًا بين الدول.

تركيا ومصر شراكة إنسانية في مواجهة التحديات

نوّه السفير موطلو بالدور الكبير الذي تلعبه مصر في استقبال اللاجئين، مشيرًا إلى أنها تستضيف 941,625 لاجئًا من 61 دولة وفق بيانات مفوضية اللاجئين، إضافة إلى تقديرات تؤكد وجود حوالي 10 ملايين مهاجر ولاجئ وطالب لجوء على أراضيها.

وقال السفير موطلو إن تركيا، التي تستضيف نحو 2.9 مليون لاجئ، تتقاسم مع مصر رؤية إنسانية قائمة على المبدأ لا الأمن فقط، مضيفًا: "نحن نرى في دعم المظلومين والمنكوبين واجبًا أخلاقيًا وجيرانيًا قبل أن يكون التزامًا سياسيًا".

تقاسم الأعباء.. ضرورة لا خيار

وختم موطلو شن تصريحه بدعوة المجتمع الدولي إلى الالتزام بمسؤولياته، قائلاً: "يجب أن يرشد استجابتنا الجماعية نهجٌ مبدئيٌّ قائم على حقوق الإنسان والقانون الدولي، وليس فقط الاعتبارات الأمنية أو الجغرافية".

وأعرب سفير تركيا لدى القاهرة عن أمله أن يكون اليوم العالمي للاجئين مناسبة لرفع الوعي، ومنع كوارث إنسانية جديدة، ودعم من يكافحون للبقاء في ظل النزوح القسري المتصاعد حول العالم.