نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: آلة القتل والتدمير الإسرائيلية تلتهم مخيمات الضفة - الخليج الان اليوم الجمعة 31 يناير 2025 05:33 صباحاً
في فلسطين، عين الضفة الغربية على ما أصاب غزة، وقلب غزة على الضفة الغربية التي بدت في مرمى النار، وإذ تلقّى وسطاء التهدئة، تعهدات دولية وأممية بانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وفق الجدول الزمني الذي تضمنه اتفاق وقف إطلاق النار، انتقلت مطرقة النار سريعاً إلى الضفة.
وعندما يقتحم الجيش الإسرائيلي مخيمات الضفة، بآلياته المصفحة والثقيلة، فكل شيء يصبح مستباحاً، يدمّر البنية التحتية، ويقطع خطوط الماء والكهرباء، وبمثل هذه الأجواء يستقبل مخيما جنين وطولكرم طلائع اجتياح «الجدار الحديدي» وقد أعاد إلى الأذهان «السور الواقي» 2002.
الجنود يتسللون ليلاً، ويواصلون عمليات المداهمة والاعتقال والتفتيش حتى الفجر، يخنقون المواطنين بالغاز وغبار القذائف ورائحة البارود، وإذا لم يهدموا البيت، يسرقون الطريق إليه.
وعند الفلسطينيين، لا معنى لأن تذكر قضيتهم، دون الالتفات إلى المخيمات، ولا يمكن النظر لتلك المخيمات المتراصة بيوتها وأزقتها، دون أن تذكر النكبة، وسنوات الاقتلاع من الجغرافيا، المصحوبة بنوايا التهجير خارج التاريخ.
وثمة ذكريات في مخيمات الضفة، تبحث بشكل محموم، عن بصيص أمل في العودة، ففيها يعيش جيل عايش اللجوء والتهجير وما زال على قيد الوجع، ويتذكر البيت الأول والخيمة الأولى، وجيل آخر صاعد، يحمل الرواية بالكامل، في ذاكرة تصرّ على البقاء حية.
ومن بين جحيم المنازل المكتظة، والحياة اليومية «المضغوطة» تعكس مشاهد الدمار وشهادات المواطنين، تحولاً في ممارسات الجيش الإسرائيلي في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس شمال الضفة الغربية، فثمة مشاهد وصفها مواطنون بـ«غزة الصغرى» في إشارة إلى الدمار الكبير الذي لحق بقطاع غزة خلال الحرب الدامية، فعمليات نسف المنازل، وتجريف الشوارع، ومحاصرة المستشفيات، وإطلاق النار براً وجواً بهدف القتل، كلها مشاهد صكّت من قطاع غزة.
«لم تعد عمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة تمر على شكل اقتحامات سريعة، أو توغلات محدودة، بل بدأت تأخذ شكل الحرب، ويدلل على ذلك الاستخدام المفرط للقوة ضد المدنيين العزل، وحرق المنازل، وتدمير البنية التحتية» قال مجدي أبو الهيجاء من مخيم جنين، مبدياً قلقه من «غزة ثانية»، يروي لـ«الخليج الان»:
«هذه حرب صامتة في مخيمات الضفة الغربية، العالم منشغل بتداعيات الحرب الدامية على قطاع غزة، وإسرائيل تستغل هذا الأمر، فترفع وتيرة القمع ضد السكان العزل، وتمارس عقاباً جماعياً بحقهم، وهناك مربعات سكنية تم تدميرها، وعائلات نزحت عن المخيم قسراً.. أصبحنا هدفاً رئيسياً للقتل». أما في الوجهة السياسية، فإن ثمة خصوصية للمخيمات، ومن المهم التعاطي معها، كما يقول مراقبون، فهي تحتضن آلاف اللاجئين، ما يحتم عليها أن تكون في المقدمة، أو على أطرافها، لأي حل سياسي.
تحديات
وثمة تحديات كبيرة، يواجهها سكان المخيمات في الضفة الغربية، من شأنها التأثير على تفاصيل حياتهم اليومية، ويقفز في مقدمتها البطالة والفقر، فضلاً عن الازدحام وتدهور الأوضاع الصحية، ناهيك عن بيوت الصفيح، وتردي البنية التحتية، وممارسات أخرى ضاغطة، كإذابة قضيتهم من خلال وقف عمليات «الأونروا» أو مسح حق العودة من ذاكرتهم.
وسقط في «حرب المخيمات» بالضفة الغربية نحو 20 فلسطينياً، وتبقى مخيمات اللاجئين شواهد حية على تهجير الفلسطينيين واقتلاعهم من أرضهم، وهي اليوم تخوض معركة أشبه ما تكون «حياة أو موت»، إذ إن تصفيتها، إنما تعني تصفية القضية الفلسطينية برمتها.