لبنان بين مشروعين كبيرين في سوريا وفلسطين؟! - الخليج الان

شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: لبنان بين مشروعين كبيرين في سوريا وفلسطين؟! - الخليج الان ليوم الثلاثاء 4 فبراير 2025 02:44 صباحاً

منذ إنتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وتسمية رئيس الحكومة المكلف نواف سلام، يتم الحديث في البلاد عن مرحلة جديدة من الحياة السياسية، كان من المفترض أن تعبر عنها طريقة تأليف الحكومة المنتظرة، لكن في المقابل لا يمكن تجاهل التطورات المحيطة على الصعيد الإقليمي، حيث من الممكن الإشارة إلى أن المنطقة لم تخرج من تداعيات عمليات "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول من العام 2023.

في هذا السياق، من الطبيعي الإشارة إلى أن الحضور الإيراني على مستوى المنطقة يمر في مرحلة من التراجع، في مقابل تقدم نفوذ العديد من اللاعبين الإقليميين الآخرين، الذين لا يخرجون، في الإطار العام، عن دائرة التأثير الأميركي، وبالتالي من المفترض إنتظار وضوح صورة المشروع الذي يحمله الرئيس دونالد ترامب في هذا المجال، بعد فوزه على الرئيس السابق جو بايدن في الإنتخابات الماضية في الولايات المتحدة.

في قراءة مصادر سياسية متابعة، لبنان يقع بين مشروعين كبيرين: الأول يتعلق بالساحة السورية أما الثاني فهو يرتبط بما يُطرح على المستوى الفلسطيني، حيث تشير إلى أن البلاد معنية، بشكل أو بآخر، بالمشروعين، بسبب تأثيرهما المباشر على أوضاعها الداخلية، وبالتالي لا يمكن التعامل معها بعيداً عنهما، لا بل من الممكن التأكيد أنها ستتأثر بالتداعيات التي من الممكن أن تنتج عنهما.

وتشير هذه المصادر، عبر "الخليج الان"، إلى أن ترامب، حتى الآن، لم يقدم الرؤية الأميركية الواضحة حول الواقع السوري الجديد، بالرغم من أنه من الطبيعي إعتبار أن واشنطن إستفادت من رجل النظام السابق، خصوصاً أنه كان يمثل، من وجهة نظرها، حلقة وصل فيما تعتبره تهديداً إيرانياً، بالإضافة إلى دورها في دعم الجماعات المعادية لتل أبيب.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، في الرؤية الشاملة، يمكن الحديث عن أكثر من لاعب فاعل في الساحة السورية: الأول المحور التركي القطري، الحاضن لمشروع الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، الثاني المحور الذي تقوده السعودية، وهو ذهب إلى التعامل الواقعي مع التحول الجديد، لكنه في المقابل ليس مطمئناً للنموذج الذي يمثل جماعات الإسلام السياسي، أما الثالث فهو الجانب الإسرائيلي، الذي ذهب إلى مجموعة من الخطوات العملية التي تؤمن مصالحه.

من حيث المبدأ، توحي المعطيات الحالية بأن الشرع يسعى إلى اللعب على التوازنات، فهو أرسل مجموعة واسعة من الرسائل بإتجاه إسرائيل، كما حرص على أن تكون زيارته الخارجية الأولى إلى الرياض، في وقت كان قد استقبل أمير قطر تميم بن حمد كأول زعيم عربي يزور دمشق بعد تنصيبه، من دون تجاهل تحدي قدرته على ضبط الأوضاع الداخلية. أما بالنسبة إلى الواقع الفلسطيني، فإن الأساس المشاريع الإسرائيلية الأميركية التي التي تصب في إطار تهجير الفلسطينيين، نظراً إلى أن هذه المشاريع، في حال تقدمت، لن تستثني الساحة اللبنانية، سواء عبر موجة تهجير جديدة نحو أراضيها، أو من خلال عودة مسألة توطين اللاجئين الموجودين فيها.

من وجهة نظر المصادر السياسية المتابعة، ما ينبغي البحث فيه هو قدرة اللبنانيين على مواجهة أو الحد من تداعيات مخاطر المشرعين، في ظل الإنقسام الداخلي الحاد، القائم منذ العام 2005، خصوصاً مع تصاعد وتيرته على نحو كبير في الأشهر الماضية، بسبب تداعيات العدوان الإسرائيلي ونتائج سقوط النظام السوري السابق، لا سيما في ظل الرغبات الواضحة عند الكثيريين، في الداخل والخارج، في إستكمال مشروع إضعاف نفوذ "حزب الله".

هنا، تلفت هذه المصادر إلى الرغبة، التي يتم التعبير عنها بين الحين والآخر بأشكال مختلفة، في الذهاب إلى إنتاج سلطة جديدة في البلاد، تحديداً بعد الإنتخابات النيابية المقبلة، تكون بعيدة إلى حد كبير عن دائرة نفوذ "حزب الله" أو تأثيره، مع العلم أن هذا المشروع يدور بين حدين: الأول السعي إلى الإستيعاب في الفترة الحالية بإنتظار إنتخابات 2026، أما الثاني فهو إستمرار المواجهة، في الوقت الراهن، وعدم إعطاء الحزب فرصة إلتقاط أنفاسه.

في المحصلة، ترى المصادر نفسها أنه في ظل هذه المعطيات، قد يكون من العبث البحث في مستقبل الأوضاع الداخلية على المدى المتوسط أو الطويل، نظراً إلى أنّ المشهد قد يتقلب بين يوم وآخر، سواء كان ذلك على المستوى المحلي أو الإقليمي، لكن الأساس يبقى أن مشهد الإنقسام الإنقسام الداخلي لا يساعد في تأمين الحد الأدنى من المناعة، التي يحتاجها البلد اليوم أكثر من أي وقت مضى.