نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: سلامة يكتب: ورقة تقدير موقف: التهجير .. بين أدوات ترمب للضغط وأدوات الأردن للمواجهة - الخليج الان اليوم الثلاثاء الموافق 4 فبراير 2025 01:21 مساءً
ايهاب سلامة - ما هي الأدوات التي يمتلكها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للضغط على الأردن لتنفيذ مخططه الهادف لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى أراضيه؟ وما هي الأدوات والخيارات التي يمتلكها الأردن لمواجهة هذه الضغوط؟
ربما هما السؤالان الأكثر أهمية اليوم، اللذان يحتاجان إلى إجابات دقيقة مستفيضة، لفهم المستجدات الخطيرة وتشريحها، واستشراف مساراتها، وهو ما تحاول ورقه تقدير الموقف هذه مناقشته، وتقليب الأجوبة عليه، لسبر غور مآلات الأمور، استباقًا لوقوع أحداثها.
مقدمة :
من المؤكد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي عاد بعنجهية سياسية فجة، فاقت ولايته الرئاسية الأولى غطرسة ونرجسية وسايكوباثية، تتوفر في جعبته العديد من الأدوات، السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والأمنية، التي يمكنه استخدامها بدرجات متفاوتة، لممارسة ضغوطه جنبًا إلى جنب مع الكيان الاسرائيلي على الأردن، لإضعاف موقفه الصلب، الرافض لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. لكنّ أدوات الضغط هذه بقوتها، تصطدم مع مصدّات ومتاريس متعددة.
أولها وعلى رأسها: تمسك الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بأرضهم، ومقاومتهم لمخطط التهجير،
وصمودهم أمام جبروت الإحتلال وطغيانه وحرب إبادته، دون التفريط في شبر واحد من أرض فلسطين المحتلة.
ثانيها: صلابة الموقف الأردني الثابت والرافض لتهجير الشعب الفلسطيني مهما بلغت العواقب والنتائج. لأنه يعي تمامًا، أن كلفة تداعيات قبول التهجير عليه، أكثر كلفة من تداعيات رفضه!
وثالثها: ردود الفعل، والمواقف العربية والاسلامية، الرسمية والشعبية، والدولية الرافضة لمخططات تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته العادلة، وغيرها من المصدات التي يمكن أن تلعب دورًا هامًا في الضغط على واشنطن، لؤأد جنين التهجير المشوه قبيل تخلّقه.
وتاليًا، أبرز أدوات الرئيس ترامب التي يمكن استخدامها للضغط على الأردن :
أدوات سياسية ودبلوماسية
1- إضعاف الدور الأردني في القضية الفلسطينية كوصي على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس، والتهديد بسحب هذا الدور لصالح "أطراف أخرى".
2- الضغط على الأردن عبر ملف المياه، فالكيان الإسرائيلي يسيطر على مصادر مائية حيوية للأردن، تمكّنه من استغلالها كورقة ضغط عبر الحدّ أو وقف إمدادات المياه للمملكة.
3- ممارسة الضغوط الأمريكية لإعادة تعريف الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين في الأردن، للتعامل معهم كـ"قضية داخلية أردنية" بدلًا من كونهم لاجئين. وهو ما تمضي به الإدارة الأمريكية على قدم وساق للاجهاز على وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) ، التي افتتح الرئيس الأمريكي ولايته الرئاسية الثانية، بتعليق المساعدات الأمريكية لها، تزامنًا مع قرار حكومة الإحتلال بحظر عمل الوكالة الأممية، وإغلاق مكاتبها في فلسطين المحتلة. وقد يصعّد ترامب حدة مواقفه تجاه الوكالة الدولية، بممارسة ضغوط على الأمم المتحدة أيضًا، لخفض تمويلها، الأمر الذي يزيد الأعباء الاقتصادية والسياسية على الأردن.
4- استخدام ورقة "الترحيل القسري" لأردنيين يحملون أرقامًا وطنية ويقيمون في الضفة الغربية. تتحدث أرقام غير رسمية ولا موثقة على وسائل إعلامية عربية بأن تعدادهم يصل إلى نحو 700 ألف أردني، فيما تؤكد مصادر أردنية، بأن تعدادهم يصل ما بين 200 - 300 ألف فقط. وفي الحالتين، يضع "فريق التهجير" هذه الورقة في سلة أدوات ضغطه، باعتبار أنها تزيد من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على الأردن.
5 - إعطاء ترامب الضوء الأخضر للتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وإعادة ضم المنطقة (ج) التي تشكل مساحتها (60) بالمئة من أراضي الضفة الغربية، وقد سبق وأن تحدث ترامب عن "توسيع" مساحة الأراضي التي يحتلها الكيان الإسرائيلي خلال حملته الانتخابية، وعاود تأكيد موقفه بالأمس. هذا، بموازاة التصعيد العسكري في مدن ومخيمات الضفة القائم هذه الأيام، وصولاً إلى احتمالية تنفيذ سيناريو شبيه بسيناريو غزة، وارتكاب جرائم حرب دموية، لتضييق الخناق على الفلسطينيين هناك، توطئة لبدء تنفيذ مخطط الترانسفير نحو الأردن.
أدوات ضغط اقتصادية
قد ترفع الإدارة الأمريكية من حدة ضغوطها الاقتصادية لتضييق الخناق على الأردن، إذا ما قوبلت بجبهة أردنية صلبة رافضة بالمطلق لاملاءات مخطط التهجير، وهو الموقف الأردني الفعلي الثابت. وتاليًا، أبرز أدوات الضغط الامريكية الاقتصادية الممكن تنفيذها على الأردن:
1- وقف تقديم المساعدات الأمريكية للاردن. وهو ما تم بالفعل، سواء عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) أو من خلال الدعم العسكري.
2 - تعطيل مشاريع الطاقة الإقليمية، مثل اتفاقيات تصدير غاز الاحتلال الإسرائيلي للأردن، وممارسة الضغط على دول عربية لتعطيل المشاريع المرتبطة بكهرباء العراق والخليج.
3 - ممارسة ضغوط على دول خليجية شقيقة، والإتحاد الأوروبي، ودول آسيوية داعمة، لربط مساعداتها المقدمة للأردن بمدى قبوله لمخطط التهجير.
4 - ممارسة الضغوط على المؤسسات المالية الدولية، بحكم نفوذ واشنطن وتل أبيب الكبير عليها، سواء البنك أو صندوق النقد الدوليين، لتعليق القروض أو فرض شروط قاسية على الأردن.
5 - ممارسة ضغوط على وكالات التصنيف الائتماني لخفض تصنيف الأردن، بما يؤثر سلبًا على أسواق الأسهم، والسندات المالية، والبنوك، والاستثمار، ويرفع أسعار فوائد الديون بشكل مقلق.
6 - فرض عقوبات على البنوك الأردنية، من خلال منعها من التعامل بالدولار عبر النظام المالي الأميركي، الأمر الذي يعيق التجارة الخارجية، ويؤدي إلى أزمة سيولة وارتفاع أسعار الصرف، وسبق للولايات المتحدة أن مارست ضغوطًا اقتصادية مماثلة على دول عديدة، من بينها روسيا، وعلى بنكها المركزي ، ومؤخرًا، على عدد من البنوك العراقية بحجج مختلفة.
7- اتخاذ إجراءات ضد الصادرات الأردنية للولايات المتحدة، التي ارتفعت قيمتها الأسبوع الماضي وبلغت 2.044 مليار دينار، عبر إلغاء اتفاقية التخفيض الجمركي أو تجميدها، وفرض رسوم جمركية مرتفعة، حال السياسية الترامبية الجمركية تجاه دول عديدة في العالم، الأمر الذي يؤثر على الصناعات المحلية.
أدوات الضغط الأمنية
1- تقليل التعاون الأمني مع الأردن، وفرض شروط على المساعدات العسكرية أو وقفها. وهو ما تم فعلاً.
2- التلويح بالفوضى الإقليمية. بما أن ترامب متهور ومندفع في قراراته وتصرفاته التي لا يمكن التنبؤ بها، قد يعطي الضوء الأخضر للكيان الإسرائيلي لاستئناف الحرب على غزة حال انتهاء عملية تبادل الأسرى والمحتجزين، كذلك لرفع مستوى التصعيد العسكري في الضفة الغربية وهو ما يحدث الآن، وصولًا إلى انهيار السلطة الفلسطينية، وما لها من نتائج تنعكس على الأمن القومي الأردني بشكل مباشر.
3- التهديد / العمل على زعزعة استقرار الأردن، خاصة اذا ما استمر إصرار ترمب على التهجير، والأردن على رفضه، عبر التحريض على حركات احتجاجية، وإثارة قلاقل، قد تستخدم لإضعاف الموقف الأردني وزيادة الضغوط عليه، وهي مخاوف يتوجب وضعها على طاولة الحسابات الأمنية الأردنية، سواء أكانت احتمالية حدوثها معدومة أو ممكنة، من باب التحوط والتهيؤ والجاهزية.
الأدوات الأردنية لمواجهة ضغوط التهجير
يمتلك الأردن بدوره العديد من الأدوات السياسية والدبلوماسية والأمنية، والخيارات والبدائل الاقتصادية، التي تمكّنه من مواجهة ضغوط الرئيس الامريكي دونالد ترمب. فقد سبق وأن واجه الأردن تحديات وجودية تاريخية، تمكّن من عبورها بسلام، نظرًا لعوامل قوة داخلية استثنائية، أهمها : متانة الجبهة الأردنية الداخلية الصلبة المتلاحمة، ووقوفها خلف قيادة الدولة، وتناغمها التام مع القرار السياسي سيما في القضايا المصيرية، التي تُنحّى فيها الخلافات السياسية جانبًا. كذلك، لما يمتلكه الأردن من قوة وخبرة دبلوماسية فذة ونشطة، نسجت شبكة ضخمة من العلاقات الدبلوماسية في مختلف دول العالم وعواصم القرار، يقودها رأس هرم الدولة بنفسه، الملك عبدالله الثاني، زد على ذلك الكفاءتين العسكرية والأمنية، اللتان حصنتا المملكة، رغم طوقها الحدودي الملتهب أزليًا، وارستا استقرارًا ومنعة أمنية للداخل بشكل نموذجي بالمطلق.
أما أبرز الأدوات الأردنية لمواجهة الضغوط الأمريكية ومخططات التهجير تتلخص بالتالي:
أولًا: أدوات وتدابير سياسية ودبلوماسية
1- مواصلة وتعزيز دعم صمود الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، عبر استمرارية توفير الدعم اللوجستي والسياسي لهم، للبقاء على أرضهم، والحيلولة دون تهجيرهم. فهم يقفون في الخندق الأول للمواجهة، والخطوط الدفاعية الأولى، وبالتالي، فهم يحملون على عاتقهم الحمل الأكبر لمواجهة مشروع النكبة الثانية، وتصفية القضية الفلسطينية، فيما يفترض أن تتصدى معهم أمة بأسرها، ستصل النيران لدولهم تباعًا، من المحيط إلى الخليج، إذا نجح المخطط الصهيوني بتهجيرهم.
2- التنسيق المتواصل مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. وكذلك، فتح أبواب تنسيق مع "الفصائل الفلسطينية" في غزة لممارسة "ضغوط موازية " على الكيان الاسرائيلي.
3- تحشيد موقف عربي وإسلامي، والتنسيق والتعاون مع الدول العربية والإسلامية، ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، والعمل على تشكيل جبهة عربية واسلامية عريضة، مقاومة لمخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، الذي يفترض أن دول العروبة كلها تدرك مخاطر تنفيذه على الفلسطينيين والأردنيين اولًا، وعليها مؤكدا لاحقًا.
4- توظيف الدبلوماسية الأردنية من المركز إلى العواصم العالمية، لحشد مواقف دولية مساندة وضاغطة، خاصة مع روسيا والصين والاتحاد الأوروبي وتركيا، المعارضين للتهجير القسري، وكذلك مع دول أوروبية منفردة، مناصرة للقضية الفلسطينية، ومناوءة للاحتلال، إضافة إلى
دول افريقية ولاتينية وآسيوية معلومة، تقف مع القضية الفلسطينية، وتعارض التهجير وسياسات الاحتلال، وكذلك التشبيك والتنسيق مع "مجموعة لاهاي" الصاعدة، التي انبثقت مؤخرا من سبع دول لمناصرة الفلسطينيين ومعارضة التهجير. جميع هذه الدول، يمكن العمل معها لحشد جبهة دولية مؤثرة وضاغطة.
5- التمسك ببقاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ورفض أي محاولات أميركية لإلغاء الوكالة الاممية التي تؤكد أن الفلسطينيين لا يزالوا لاجئين ويجب عودتهم إلى وطنهم وليس توطينهم في الأردن. وكذلك التنسيق مع الاتحاد الأوروبي والدول الداعمة لها، لضمان استمرار تمويلها.
6- تقديم شكاوى إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، لإحباط أي محاولات أميركية أو إسرائيلية لتنفيذ مخطط التهجير القسري الذي يخالف الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية، والتنسيق الاستباقي مع روسيا والصين، لمواجهة أي قرارات أمريكية قد تطرح في مجلس الأمن بهدف فرض تهجير الفلسطينيين إلى الأردن ومصر.
7- فتح جبهة قانونية دولية، عبر اللجوء إلى المحاكم الدولية، لمقاضاة أي كيان أو دولة متورطة بمحاولات التهجير القسري للشعب الفلسطيني، ومقاضاة جميع المسؤولين المتورطين في جريمة الحرب هذه وفق معاهدة جنيف.
8- التهديد بتجميد / تجميد أي اتفاقيات سياسية أو أمنية مع واشنطن إذا زادت من ضغوطها، وتجميد / الغاء اتفاقية القواعد العسكرية الأمريكية وترحيلها عن الأراضي الأردنية.
9- تجميد / إلغاء اتفاقية وادي عربة، ولكن بعد مقاضاة الكيان الاسرائيلي في المحافل الأممية والقانونية الدولية. فالاتفاقية حال خرقها إسرائيليًا، تمنح الاردن نفوذًا قانونيًا ودبلوماسيًا لمساءلة الكيان الإسرائيلي أمام المجتمع الدولي، وتعرّضه للمحاسبة القانونية الدولية، وصولًا إلى إلغاء الاتفاقية برمتها وفق التوقيت الأردني الأنسب.
10- استخدام ملف اللاجئين كورقة ضغط دولية، وإيصال رسائل للولايات المتحدة بأن أي محاولات لفرض التهجير والتوطين، ستدفع الأردن إلى إعادة ملف اللاجئين لمجلس الأمن، تزامنًا مع أي محاولات أمريكية لعرض ملف التهجير في ذات المجلس، أو قبلها. فأي محاولات لفرض التهجير أو التوطين، تتعارض مع قرارات الشرعية الدولية بالمطلق، وخصوصًا القرار 194 الذي ينص على حق العودة والتعويض.
11- استخدام ورقة الضغط الجيوسياسية التي تضمن يقينًا : أن عدم استقرار الأردن، يعني حكمًا عدم استقرار المنطقة، وعلى رأسها الكيان الإسرائيلي الذي يمتد على أطول حدود مع الأردن، وأن أي محاولة للعبث مع "الواقع الجيوسياسي الأردني" كفيل باندلاع فوضى أمنية إقليمية عارمة، لا يمكن التنبؤ مطلقًا بمآلاتها، ويفتح "صندوق باندورا" في وجه الجميع. فالاردن بمثابة قنبلة جيوسياسية موقوتة، ما أن ينزع هو صمامها، سيخلط أوراق شرقه بغربه، وشماله بشرقه!!
الأدوات والخيارات الاقتصادية
يمتلك الأردن أدوات اقتصادية ضاغطة، مثلما يمتلك خيارات اقتصادية متعددة، وبديلة، وربما يجب تقديم "نوع من الشكر" للرئيس ترامب الذي وضع الأردن أمام الواقع المجرد، بحقيقته وتجلياته وارهاصاته، ليعمل وفق المتاح والممكن، مرهونًا بقراره السيادي وحده، دون الانصياع للضغوط والاملاءات مهما بلغت عواقبها. كما يجب شكره أيضًا، لأنه سرّع من ضرورة لجوء الأردن إلى خيارات اقتصادية وطنية، وبديلة، تعزز الاستقلال الاقتصادي الأردني الذي لا يرتهن إلا للقرار الأردني.
أما أبرز الأدوات والخيارات الاقتصادية الأردنية فتتلخص بالتالي:
1- تعزيز الاستقلال الاقتصادي الأردني بالاعتماد (صفر) على المساعدات الأميركية. وتنويع مصادر الدعم المالي عبر تعزيز الشراكات الاقتصادية مع دول الخليج الشقيقة والإتحاد الأوروبي والصين وتركيا.
2- إتخاذ الحكومة الأردنية كافة التدابير الكفيلة بحماية الدينار الأردني والإستقرار المالي.
3- البحث عن بدائل للتمويل الدولي عبر صناديق استثمارية عربية وإسلامية.
4- تجميد / الغاء اتفاقية الغاز مع الكيان الاسرائيلي الذي سيتكبد خسائر اقتصادية كبيرة جراء ذلك، نتاج خرقه اتفاقيته المشؤومة، والتحول إلى مصادر بديلة من مصر أو قطر.
5- تقييد مرور السلع والبضائع من / إلى الكيان الإسرائيلي عبر الأردن، الذي يعد معبرًا رئيسيًا لصادرات الضفة الغربية - المرحب بها - والكيان الاسرائيلي إلى دول الخليج. وهو معبر توريد حيوي أيضًا للكيان، خاصة مع أزمة إمدادات التوريد عبر البحر الأحمر الذي يعطل الحوثيون فيه وصول السفن إلى ميناء ايلات المحتلة.
الأدوات والتدابير الأمنية الأردنية
يمتلك الأردن أدوات ضغط أمني فعالة ضد الكيان الاسرائيلي، بموازاة أدوات الضغط الأمريكية الاسرائيلية، وربما يرهن القرار السياسي الأردني توظيفها بمدى مضي الرئيس الأمريكي والحكومة الاسرائيلية بمخطط التهجير نحو أراضيه، ضمن حسابات أردنية استراتيجية دقيقة، وسياسة حكيمة حصيفة، سلسة وهادئة، مع استقراء ودراية تامتين بتفاصيل المشهد وأبعاده.
أما أبرز الأدوات والتدابير الأمنية الأردنية فتتلخص بالنقاط التالية :
1. تشديد الرقابة على الحدود، ونشر قوات إضافية لمنع أي محاولات تهجير من قطاع غزة أو الضفة الغربية.
2- رفع مستوى اليقظة والجاهزية الأمنية تحسبًا لأي طارئ، بما يكفل المحافظة على الاستقرار الداخلي وتعزيز منعته، الأمر الذي تعلم جيداً كيف تتكفل به المؤسسة الأمنية الأردنية العريقة، بمنتهى القدرة والكفاءة.
3- إعادة فتح باب التجنيد الاجباري، ومراكز تدريب الجيش الشعبي، وبث الروح الوطنية عبر كل منصة تُرى أو تُقرأ أو تُسمع.
4- تعزيز التنسيق الأمني مع مصر، والعمل معًا لمنع أي محاولات إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح باتجاه سيناء ثم الأردن.
5- الضغط على الكيان الاسرائيلي أمنيًا، وتقليص ثم تعليق التعاون الأمني. فالجانب الإسرائيلي ينتهك صراحة اتفاقية وادي عربة التي نصت على ترتيبات أمنية متبادلة، الحدودية منها خاصة، مما يضعف الاستقرار الحدودي للكيان، ويزيد من التهديدات الأمنية عليه، وربط استئنافه أردنيًا بموقف تل ابيب وواشنطن من ملف اللاجئين.
-----
البرلمان والإعلام والأحزاب والنقابات المهنية
بموازاة الأدوات الرسمية الأردنية، تمتلك الدولة أدوات مؤسسية غير رسمية، مدنية ومجتمعية وشعبية مؤطرة، فاعلة ومؤثرة، قادرة على إسناد الموقف الرسمي.
فالمساحة التي تستطيع المؤسسات المدنية غير الرسمية على التحرك فيها، واسعة شاسعة، بخلاف المساحة الرسمية المقيدة ببروتوكولات دبلوماسية وسياسية، تحدّ من قدرتها على إيصال ما تستطيع المؤسسات المدنية غير الرسمية إيصاله إلى الخارج تحديدًا بكل اريحية، وبحسابات أقل، وبلا كلف سياسية، أو رد الفعل المقابل.
وهنا، يبرز الحضور النيابي والإعلامي والحزبي والنقابي، ويتجلى إسناد الموقف الشعبي للرسمي. ويحصّنه، ويقويه، ويمنحه الشرعية المطلقة، واللسان الطلق على المنابر العالمية.
الدور البرلماني
يمثل البرلمان سلطة الشعب، فهو مرآته ونبض شارعه، هذا المفترض والأساس، لذا، فمن أهم واجب مجلس النواب الأردني اليوم، اتخاذ مواقف برلمانية تعبّر عن حالة الغضب الشعبي لما يحاك لدولته من مخاطر وجودية،
والحثّ على تعزيز الاصطفاف الوطني خلف الدولة والقيادة.
إن مخطط التهجير الخطير، يحب أن يتقدم على رأس أجندات عمل النواب ومجلسهم، بدلاّ من التجاذبات الاستعراضية، فهذا ليس وقتها.
على سلطة الشعب وممثليهم، التصدي لمخطط التهجير بكل طاقاتهم وامكاناتهم، بموازاة الجهود الحكومية الخلاقة، التي تقدم فيها وزارة الخارجية حراكًا دبلوماسيًا تجاوز التميز.
كما على البرلمان الأردني وضع خطة عمل طارئة، لإسناد الموقف الرسمي للدولة، بمواقف صارمة تمثل الشعب، وعدم الاكتفاء بالجلوس تحت القبة، بل الخروج إلى برلمانات العواصم العربية والاسلامية والدولية، والدعوة لعقد قمة برلمانية عربية واسلامية طارئة، لبناء جبهة برلمانية موحدة، تنقل سخط الشارع العربي والإسلامي الرافض لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته لكل شعوب وبرلمانات العالم.
كما يتوجب على البرلمان بشكل عاجل، إصدار تشريعات استباقية، تقونن منع أي تهجير أو توطين للفلسطينيين في الأردن.
الدور الإعلامي
إن الأدوات الإعلامية لا تقل أهمية عن الأدوات السياسية والاقتصادية والأمنية، وربما تضاهيها أهمية، لما لها من تأثير كبير على الرأي العام المحلي والدولي، وتدرك المؤسسات الإعلامية الوطنية هذا جيدًا، وتعيه، مثلما تعي أنه يقع على عاتقها اليوم واجب وطني مقدس، بمرحلة مفصلية بالغة الخطورة من تاريخ الدولة، تستدعي ارتقاء جهودها نحو طاقاتها القصوى، والانخراط التام مع بقية أدوات الدولة، وصياغة خطاب أردني استثنائي مؤثر، قادر على مخاطبة الداخل والخارج، بطريقة مغايرة عن المألوف، وبكل إقدام وجراءة، والخروج من صندوق اللغة المتكلسة الغابرة، وامتطاء سنام الكلم، ولغة العصر، وأدواته، وإيصال رسالة الدولة نحو فضاءات العالم، عبر كل وسيلة إعلامية ومدونة، ومنصة مقروءة ومسموعة ومرئية، متاحة وممكنة، تترجم فيها حجم الكارثة التاريخية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وتقرع الاجراس من مغبة ومخاطر تهجيره.
إن مخطط التهجير يشكل خطرًا وجوديًا على الاردن، لما له من أبعاد ديمغرافية مقلقة، وإبعاد أمنية استراتيجية أكثر اقلاقًا، ليس على الداخل فحسب، بل على المحيط والاقليم، لشعب هو الأكثر صلابة في تاريخ الشعوب، خارج من حرب إبادة، له ثأره الذي لن ينساه عند محتله، ولا عند من خذلوه.
إن الإعلام الأردني اليوم، جندي في صفوف المعركة الأولى، ويحمل على عاتقه مهمة إيصال مخاطر التهجير إلى جميع عواصم العالم، التي لن تقف عند حدود الأردن، إنما سيطال تأثيره حكمًا، الدول العربية وصولاً للعمق الأمريكي والاوروبي، فقد سبق وأن رأى العالم بعينه، موجات التهجير نحو الأردن، وكيف اتخذ ملايين المهجّرين الفلسطينين سابقًا، والعراقيين والسوريين لاحقًا، من الأردن محطة عبور للعواصم والمدن العربية والخليجية والأمريكية والأوروبية واستقروا فيها!
وبطبيعة الحال، فإن الأردن لا يضع قيودًا مطلقًا على أي ضيف يقرر البحث عن مكان أفضل.
دور الأحزاب والنقابات المهنية
إن الأطر الحزبية والنقابية، لها تأثيرها الحراكي الكبير المباشر، سيما في الظروف والمفاصل الصعبة، وهي أدوات إسناد لا تقل ضراوة عن جميع الادوات الرسمية والبرلمانية والاعلامية، لما يمكنها من فتح جبهات مع نظيراتها من التجمعات الحزبية والمجمعات النقابية العربية والاسلامية، والتشبيك معها وتحشيدها، لإسناد الموقف الرسمي، وخلق حراك شعبي عربي واسلامي مقاوم للتهجير وتصفية القضية الفلسطينية التي تمس كل عربي ومسلم موحد بالله.
خلاصة :
يدرك الأردن جيدًا تداعيات إصراره على رفض تهجير الفلسطينيين اليه، وكلفته السياسية والاقتصادية. لكنه يدرك أكثر، تداعيات قبوله بمخطط تهجير غزة، وتأثيراته الأكثر خطورة عليه وعلى القضية الفلسطينية والمنطقة برمتها، ويعي، أن قبوله بتهجير غزة، سيفتح عليه لاحقًا بوابة التهجير من الضفة الغربية. وهي مخاطر استراتيجية تاريخية ووجودية، تؤكد على صواب خيار الدولة الأردنية الرافض للتهجير بصرف النظر عن تبعات الرفض وتداعياته. فالاردن قادر على مواجهة واستيعاب تبعات موقفه السياسي الرافض، لكن تهجير الشعب الفلسطيني سواء من الضفة الغربية أو غزة، لن يقدر على تحمل كلفته أحد في المنطقة كلها، وسيعيد القضية الفلسطينية إلى مربع الصراع الأول، وخارج حدود غزة وفلسطين المحتلة، وينقله إلى جميع الدول والعواصم والشوارع العربية والإسلامية.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.