نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: مخطط الدولة الحديثة.. توني بلير يكشف مهلة القوى... - الخليج الان اليوم الأربعاء 29 يناير 2025 01:04 صباحاً
في سابقة تُعدّ حدثًا جللًا، ظهرت سوريا لأول مرة في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي. هذه الخطوة قد تبدو إشارة إلى كسر عزلة دامت عقودًا وإعادة دمج البلاد في النظام الدولي، ومع ذلك، فإن ما قد يكون أكثر إثارة للجدل هو ما وصفه البعض بـ"عَثْرة لسان" كشفت ربما عن مكامن النفس العالمية تجاه سوريا، بل وأثارت التساؤلات حول وجود اتفاقات خفية قد أبرمت في كواليس السياسة.
اللحظة التي أثارت الجدل
لنفهم المشهد بوضوح، علينا العودة إلى مقتطف حوار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير خلال المنتدى أثناء النقاش، وجّه بلير للشيباني سؤالًا محددًا: "لديكم فترة حتى يوليو 2026، ماذا تنوون أن تفعلوا بها؟" جاء رد الشيباني الأول مرتبكًا: "لم أفهم السؤال"؛ هذا الارتباك أثار دهشة الحاضرين، وأظهر ما بدا وكأنه تبادل أدوار غير مُعدّ له مسبقًا، وكأن كلاً من الطرفين فوجئ بالسؤال والجواب.
مهلة جديدة وأجندة طموحة
هذا الحوار البسيط كشف عن وجود مهلة محددة لسوريا تمتد حتى يوليو 2026، أي نحو 18 شهرًا من بداية العام الجاري، المهلة ليست مجرد تاريخ على الورق؛ إنها اختبار عالمي لإثبات قدرة الإدارة الجديدة على تحقيق ما فشل فيه النظام السابق: بناء دولة حديثة تتوافق مع تطلعات المجتمع الدولي.
من مارس 2025 إلى يوليو 2026
ما يثير الانتباه هو مقارنة هذه المهلة بما أعلنه رئيس الحكومة الانتقالية، أحمد الشرع، الذي منح حكومته فترة زمنية حتى مارس 2025، إذاً، يبدو أن القوى الكبرى أعطت الإدارة السورية الجديدة "فرصة أخيرة" أطول لتثبيت ركائز الدولة وتحقيق المصالحة الوطنية، بدءًا من صياغة دستور جديد، مرورًا بتشكيل حكومة جامعة، وصولاً إلى قطع العلاقات مع القوى الإقليمية المؤثرة، مثل إيران.
"سوريا الجديدة" أمام العالم
في دافوس، حاول الشيباني تقديم صورة مغايرة عن سوريا، مؤكداً أنها كانت ضحية لنظام طائفي وأن الإدارة الحالية تمثل حقبة جديدة تعتمد على أمثلة ملهمة مثل "رؤية السعودية 2030"، لكنه يعلم، كما يعلم الجميع، أن العالم يراقب سوريا بحذر، خاصة بعد الكشف غير المقصود عن المهلة الزمنية.
تحديات الاقتصاد من الخراب إلى الفرصة
يُعدّ الاقتصاد أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الإدارة الجديدة. تقارير البنك الدولي تشير إلى أن إعادة إعمار سوريا قد تُكلّف 300 مليار دولار، في حين تراجع الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 6 مليارات دولار عام 2024 مقارنة بـ60 مليار دولار قبل 2010. أمام هذه التحديات، تسعى القيادة الجديدة إلى اتباع نهج اقتصادي حرّ، ما دفع الشرع إلى اتخاذ خطوات رمزية مثل تعيين ميساء صبرين كأول امرأة في تاريخ البلاد تقود مصرف سوريا المركزي، بالإضافة إلى خصخصة الشركات الحكومية الخاسرة وتشجيع الاستثمارات الأجنبية.
رسائل تطمين لا تتوقف
لم تتوقف القيادة الجديدة عن إرسال رسائل التطمين إلى العالم. اختيار دافوس كمنصة لإبراز وزير الخارجية بدلًا من وزير المالية أو الاقتصاد يعكس رغبة الإدارة السورية في تقديم وجه سياسي واقتصادي جديد، كما برزت جهود الشرع في التقارب مع دول الخليج وطمأنة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، استقبال والدة الصحفي الأمريكي أوستن تايس، المعتقل منذ 2012، كان رسالة واضحة تعكس نوايا الإدارة الجديدة للتعاون مع الغرب.
رفع العقوبات طريق طويل
رغم هذه الجهود، لم تُرفع العقوبات المفروضة على سوريا، لكنها بدأت تُخفَّف بشكل محدود، أعلنت واشنطن إعفاءات مؤقتة لتسهيل المساعدات، ويدرس الاتحاد الأوروبي تعليق العقوبات تدريجيًا، يبدو أن الدول الكبرى تمنح الإدارة السورية الجديدة فرصة لإثبات التزامها بتغيير جذري.
عثرة السؤال أم كشف السر؟
"عَثْرة اللسان" التي كشفت عن مهلة الـ18 شهرًا ربما لم تكن سوى تأكيد لما كان يجري خلف الكواليس، فالعالم يريد رؤية سوريا جديدة، خالية من إرث النظام السابق والتيارات المتشددة، وأكثر توافقًا مع متطلبات النظام الدولي، لكن هل ستكون هذه المهلة كافية؟ الأيام وحدها ستجيب، بينما يبقى المشهد السوري مفتوحًا على كل الاحتمالات.
0 تعليق