العُقَد على حالها... هل نسفت "المسيرات الليلية" مهمّة سلام الحكوميّة؟! - الخليج الان

0 تعليق ارسل طباعة

شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: العُقَد على حالها... هل نسفت "المسيرات الليلية" مهمّة سلام الحكوميّة؟! - الخليج الان ليوم الخميس 30 يناير 2025 02:10 صباحاً

للأسبوع الثاني على التوالي، تشهد عملية تأليف الحكومة معطيات "متضاربة" إلى حدّ بعيد، بين متفائلين يجزمون بأنّ الأمور تسلك الطريق الصحيح، بل يحدّدون موعدًا للولادة الموعودة قبل يوم الجمعة، ومتشائمين يرون في المقابل أنّ الأمور عادت إلى نقطة الصفر، وأنّ العُقَد التي تحول دون التأليف مستعصية، حتى إنّهم لا يستبعدون أن "يستسلم" رئيس الحكومة المكلف نواف سلام، ويتلو فعل "الندامة" على قبوله التكليف في المقام الأول.

وإذا كان التفاؤل أقرب إلى "الأمنيات"، بالنسبة للكثير من المتابعين، الذين يتحدّثون عن ضغوط تُمارَس على سلام وغيره، من أجل إنجاز التركيبة الحكومية قبل نهاية الأسبوع، فإنّ للتشاؤم في المقابل، الكثير من الأسباب الموجبة، من بينها أنّ العُقَد التي تحول دون التأليف لا تزال تراوح مكانها، وهي تكاد تشمل كلّ المكوّنات، سنيًا ومسيحيًا وشيعيًا، ولو حاول كلّ طرف أن يرمي بكرة العرقلة والمسؤولية عنها في ملعب الطرف الآخر.

وإذا كان "الثنائي الشيعي" مثلاً يتصرّف كما لو أنّ الأمور محسومة بالنسبة إليه، وهو يعتبر أنّ حقيبة المال، التي لا يزال كثيرون يصنّفونها "عقدة العقد"، باتت "في الجيب"، وهو ما أوحى به الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، حين قال إنّ العقدة "عند الآخرين"، فإنّ هناك من يرى أنّ الأمر ليس كذلك، وأنّ التفاهمات التي قيل إنّها أبرِمت بين "الثنائي" ورئيس الحكومة المكلف، لم تعد "سارية المفعول" إلى حدّ بعيد.

خير دليل على ذلك المسيرات الليلية بالدراجات النارية، التي تصدّرها مناصرو "الثنائي"، في مناطق عدّة من بيروت، مع ما حملته من رسائل، قيل إنّ سلام عبّر عن "استيائه" إزاءها، وقد شعر بأنّه "المُستهدَف المباشر" منها، فهل يمكن القول إنّ هذه المسيرات، وما انطوت عليه من استفزازات، قد "نسفت" التشكيلة الحكومية عن بكرة أبيها، أو بالحدّ الأدنى "عقّدت" مهمّة سلام، أم أنّ "العقدة" فعلاً في مكان آخر، وهي "قيد الحلّ"؟!.

في المبدأ، يقول العارفون إنّه بمعزل عمّا إذا كانت "عقدة" حقيبة المال قد حُلّت أم لا، فإنّ وقائع الأيام الماضية تثبت أنّ "الثنائي" يحرج رئيس الحكومة المكلف بشكل كبير، حتى إنّ الرجل الذي أبدى كلّ "انفتاح" على هذا الفريق منذ اليوم الأول لتكليفه، بدأ يشعر بأنّ هناك مخطّطًا "لإحراجه فإخراجه" ربما، علمًا أنّه لم يرَ في المسيرات الدراجة، سوى "محاولة ضغط" عليه، وإن لم تكن موجَّهة ضدّه بشكل مباشر.

وفقًا لهؤلاء، فإنّ "الثنائي" الذي كان في الأصل ضدّ تسمية رئيس الحكومة المكلّف، ولم يتوانَ عن الهجوم عليه قبل الاجتماع معه، في إشارة إلى كلمة رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد الشهيرة من قصر بعبدا، يدرك أنّ الرجل تعامل معه بطريقة "استيعابية"، فعمل منذ اللحظة الأولى على طمأنته وتبديد هواجسه، وصولاً إلى ما حُكي عن "تفاهمات" أبرمها معه، وتسبّبت له بـ"صداع" مع من سمّوه ودعموه في المقام الأول.

لكن، وبدلاً من أن يسهّل "الثنائي" مهمّة الرجل، بدا كمن يصرّ على "تعقيدها"، من خلال التسريبات المتتالية عن حصوله "على ما يريد"، خصوصًا في ما يتعلق بحقيبة المال، في وقت كان رئيس الحكومة المكلف يتحدّث عن معايير ومبادئ يرفض بموجبها أن تكون أيّ حقيبة "حكرًا" على طائفة دون غيرها، ليزداد الإحراج مع الإصرار على اسم ياسين جابر "حصرًا"، بل تسريب أنّ خيارات "الثنائي" الثلاثة هي: "ياسين جابر، ثمّ ياسين جابر، ثمّ ياسين جابر".

وبالمعنى نفسه، جاءت مسيرات ليل الأحد لتعزّز الانطباع بـ"فائض القوة" الذي يحاول "الثنائي" توجيهه، وقد وجد رئيس الحكومة المكلف نفسه معنيًا بشكل مباشر بالرسائل، وكأنّ هناك من أراد "تنبيهه" من أيّ محاولة للقفز فوقه، أو من أيّ نيّة لتجاوزه، علمًا أنّ هذه المسيرات مع ما انطوت عليه من استفزازات، جاءت لتشوّه صورة "النصر" التي جسّدها مشهد العودة إلى القرى الجنوبية، ليبدو أنّ "الاستثمار السياسي" المطلوب منها كان أهمّ.

عمومًا، وربطًا بـ"عقدة المالية" التي تتفاوت وجهات النظر إزاء حجم تأثيرها على الولادة الحكومية، يتحدّث العارفون عن عقد أخرى لا تقلّ شأنًا، بل قد تكون الحاجز الحقيقي أمام تصاعد الدخان الأبيض، إلا أنّها تبدو مرتبطة بها بصورة أو بأخرى، انطلاقًا من مبدأ "وحدة المعايير" الذي بدأ أكثر من طرف برفعه، مطالبين بالمساواة بالحدّ الأدنى بينهم وبين من لم يسمّ رئيس الحكومة المكلف، ولا يستحقّ بالتالي معاملته "المميزة".

ضمن العقد على سبيل المثال، ما يسمّى بـ"التمثيل السنّي"، وقد بدأت بعض الأصوات ترتفع على خطّه، من بينها على سبيل المثال صوت النائب وليد البعريني، الذي طالب رئيس الجمهورية بتصحيح المسار، ملوّحًا بـ"انتفاضة في وجه التهميش" وفق قوله، علمًا أنّ الرجل كان صريحًا بقوله إنّ "تجاهل" من يمثّل، يأتي في مقابل منح "الذين هزوا العصا وحركوا موتوسيكلاتهم واستعملوا أسلوب الترهيب أكثر مما يحق لهم"، على حدّ وصفه.

وإذا كانت هذه العقدة "إلى حلّ" وفق بعض الأوساط، بعد لقاء جمع الجانبين، أكد بموجبه سلام حرصه على تمثيل كتلة "الاعتدال"، فإنّ عقدة "التمثيل المسيحي" لا تقلّ شأنًا، وهي تنقسم إلى أكثر من "عقدة"، بينها ما ينطلق أيضًا من "المعايير المزدوجة"، وقد عبّرت عنه أوساط "القوات اللبنانية" صراحةً، حين طالبت بـ"معاملتها بالمثل"، فإذا كان "الثنائي" من يختار حقائبه ووزراءه، يجب أن يكون لدى جميع الأفرقاء أيضًا هذا الحقّ، من دون أيّ استنسابية.

وتصطدم هذه المطالبة بما يُحكى في بعض الأوساط السياسية، عن إصرار سلام على أن يكون له الدور الأساسي في تسمية الوزراء، وهو الرافض لفكرة "المحاصصة التقليدية"، والساعي لتوزير شخصيات يثق بها، خصوصًا من المجتمع المدني، علمًا أنّ هناك من يشكو أنّ جمعيات مثل "كلنا إرادة" باتت تلعب دورًا أساسيًا في تشكيل الحكومة وتحديد معالمها ورسم هيكليتها، بل حتى خطوط بيانها الوزاري، إن جاز القول.

وعلى مستوى التمثيل المسيحي، لا تغيب طبعًا عقدة "التجاذبات" التي لا تنتهي بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، فـ"التيار" بحسب بعض المطّلعين يريد حصّة "موازية" لحصّة "القوات"، إن لم يكن أكثر، مستندًا إلى حجم كتلته النيابية قبل خروج بعض النواب منها، باعتبار أنّ هؤلاء وصلوا بأصوات "التيار"، إلا أنّ هذه العقدة على أهميتها، وربما طرافتها في مكان ما، لا تبدو كافية للإطاحة بالحكومة، وفقًا للعارفين.

في النتيجة، لا شكّ أنّ "الثنائي" المرتاح على وضعه الحكوميّ، وعلى علاقته مع رئيس الحكومة المكلف، رغم تصويبه المبكر عليه حدّ تخوينه، لا يسهّل عمل الأخير فعليًا، ولا يساعده في مواجهة الضغوط التي يتعرّض لها من أكثر من جهة. لكن لا شكّ أيضًا أنّ تحميل "الثنائي" حصرًا مسؤولية عدم ولادة الحكومة لا يبدو عادلاً، في بلدٍ أصبح أكثر من نصفه "طامحين" لتقاسم "الكعكة"، وكأنّهم لم يتعلّموا شيئًا من تجارب الماضي غير البعيد!.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق