هل يصمد الاقتصاد المغربي في ظل استمرار الجفاف للسنة الثامنة؟ - الخليج الان

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: هل يصمد الاقتصاد المغربي في ظل استمرار الجفاف للسنة الثامنة؟ - الخليج الان اليوم الخميس 30 يناير 2025 08:05 مساءً

يعد الجفاف من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد المغربي، حيث تتوالى سنوات الجفاف منذ ما يزيد عن سبع سنوات، مما أثر بشكل ملحوظ على قطاعات استراتيجية، لا سيما القطاع الفلاحي الذي يعتبر دعامة رئيسية للاقتصاد الوطني. هذا الوضع يدفع للتساؤل حول مدى قدرة الاقتصاد المغربي على الصمود في ظل هذه الظروف المناخية الصعبة لسنة إضافية أخرى، وما إذا كانت السياسات المتبعة كافية لضمان استدامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية؟.

تأثير الجفاف على الاقتصاد الوطني

حسب تقرير البنك الدولي الصادر سنة 2023، شكلت الفلاحة نحو 13% من الناتج الداخلي الخام، غير أن استمرار الجفاف أدى إلى تراجع هذه النسبة إلى أقل من 10% خلال العام الجاري. إنتاج الحبوب والذي يعد أساس الأمن الغذائي، انخفض بنسبة 60% مقارنة بالسنوات العادية، حسب معطيات وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات. هذا الانخفاض كان له أثر مباشر على ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، حيث سجل مؤشر الأسعار الاستهلاكية زيادة بنسبة 8.3%، وفقًا للمندوبية السامية للتخطيط.

تأثير الجفاف لم يقتصر على القطاع الفلاحي فحسب، بل امتد إلى قطاعات أخرى كالسياحة والصناعة، حيث أصبح شح الموارد المائية يمثل تحديًا كبيرًا أمام الاستثمارات الصناعية والفلاحية. كما أن نقص الطاقة الكهرومائية، التي تمثل مصدرًا رئيسيًا لتوليد الكهرباء، دفع إلى استيراد مزيد من الوقود الأحفوري لتلبية الطلب المحلي، مما أثقل كاهل الميزان التجاري.

سياسات التكيف والصمود

أطلقت الحكومة مجموعة من السياسات للتخفيف من تداعيات الجفاف، من أبرزها برنامج تعبئة الموارد المائية الذي خصص له حوالي 115 مليار درهم للفترة الممتدة بين 2020 و2027. كما شهدت بعض المناطق، مثل جهة سوس ماسة، إطلاق مشاريع تحلية مياه البحر لتلبية الاحتياجات الفلاحية والصناعية. ورغم أهمية هذه المشاريع، إلا أن تأثيرها لا يزال محدودًا بالنظر إلى تسارع وتيرة الجفاف وارتفاع الطلب على المياه.

من جهة أخرى، اعتمد المغرب استراتيجيات للتنويع الاقتصادي، مثل مخطط التسريع الصناعي، الذي نجح في زيادة صادرات السيارات والفوسفاط. ومع ذلك، فإن الاعتماد المفرط على قطاعات محددة يظل عامل ضعف، خاصة في ظل تقلبات الأسواق العالمية وراهنتيها للاستثمارات الاجنبية التي قد تغير وجهتها في أي لحظة .

جدوى السياسات الحالية

على الرغم من الجهود الحكومية، إلا أن السياسات المائية والفلاحية لا تزال تفتقر إلى التكامل والفعالية. تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2023 أشار إلى أن حوالي 40% من المياه المستهلكة تضيع بسبب ضعف البنيات التحتية وسوء إدارة الموارد. كما أن دعم الزراعات الموجهة للتصدير، مثل الأفوكادو والبطيخ، يُثار حوله جدل كبير بالنظر إلى استهلاكها المكثف للمياه في مناطق تعاني أصلاً من شح الموارد المائية.

أما على المستوى الاجتماعي، فإن غياب برامج فعالة لدعم الفلاحين الصغار يفاقم من هشاشة الساكنة القروية التي تشكل نحو 35% من السكان. تقارير الجمعيات الحقوقية تؤكد أن آلاف الأسر اضطرت إلى النزوح نحو المدن نتيجة انعدام المياه وتراجع فرص العمل في المناطق القروية.

رؤية مستقبلية

صمود الاقتصاد المغربي يتطلب مقاربة شاملة تقوم على تحسين إدارة الموارد الطبيعية وتعزيز التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة. هناك حاجة ملحة لمراجعة السياسات الفلاحية بما يضمن أولوية الأمن الغذائي الوطني وتقليل الاعتماد على الزراعات الموجهة للتصدير.كما يجب تعزيز الاستثمار في البحث العلمي لتطوير تقنيات الري الحديثة واعتماد الطاقات المتجددة بشكل أوسع لتقليل الاعتماد على المياه في توليد الكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تفعيل آليات مراقبة صارمة لضمان توزيع عادل للموارد المائية بين القطاعات المختلفة.

في النهاية، ورغم التحديات القائمة، يمتلك المغرب فرصًا كبيرة لتحويل هذه الأزمة إلى فرصة لتعزيز التحول نحو اقتصاد أكثر استدامة ومرونة. لكن تحقيق هذا الهدف يتطلب رؤية استراتيجية واضحة وإرادة سياسية قوية تضع الإنسان والبيئة في صلب السياسات العمومية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق