نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: دول البلطيق وموسكو.. تيار كهربائي أم توتر سياسي؟ - الخليج الان اليوم السبت 8 فبراير 2025 11:32 مساءً
أخيراً قطعت دول البلطيق إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، أمس، خطوط الربط الكهربائي مع روسيا التي تعود إلى الحقبة السوفيتية، وذلك استعداداً للانضمام إلى باقي أوروبا اليوم، ما ينهي آخر الروابط بين دول البلطيق وروسيا.
وتم قطع جميع خطوط النقل الباقية بين دول البلطيق وروسيا وبيلاروس وجيب كاليننغراد الروسي، الذي يقع بين بولندا وليتوانيا العضوين بالاتحاد الأوروبي والبحر، واحداً تلو الآخر. ليتوانيا أولاً ثم لاتفيا بعد بضع دقائق ثم أستونيا. وستنضمّ دول البلطيق إلى الشبكة الأوروبية عبر بولندا. وتبدأ عمليات المزامنة بين ليتوانيا وبولندا اليوم.
هذه الدول قالت إن قرارها يهدف لمنع ما اعتبرته الابتزاز الروسي لها من جانب موسكو، علماً بأن القرار الأولي متخذ منذ 2017، كما أن القرار الأخير يأتي بعد فترة توتر بين روسيا وحلف الناتو وقد أجرى كلاهما مناورات عسكرية في منطقة البلطيق، في حين اتهمت الدول الثلاث و«الناتو» روسيا بالعبث بشبكة الكابلات البحرية في بحر البلطيق. فهل هذا القرار مرده الأسباب أو الأهداف المعلنة، أم أنه يأتي في إطار الصراع بين روسيا و«الناتو»؟ وقد انضمت دول البلطيق الثلاث إلى الاتحاد الأوروبي و«الناتو» سنة 2004.
وقال ماتاس نوريكا، الناطق باسم الشركة العامة المشغلة لشبكة الكهرباء في ليتوانيا لوكالة فرانس برس: أؤكد أن عملية الانفصال بدأت صباحاً (أمس) بعدما فصلت ليتوانيا وصلاتها الكهربائية مع بيلاروس وروسيا.
وقال وزير الطاقة الليتواني زيغيمانتاس فايسيوناس: «ننزع من روسيا إمكان استخدام شبكة الكهرباء، وسيلة ابتزاز جيوسياسي».
وتستعد دول البلطيق لـ«رد انتقامي روسي». وأشار بيان صادر عن وزارة الأمن في ليتوانيا إلى «مخاطر محتملة.. كعمليات استهداف لمنشآت حيوية وهجمات سيبرانية وحملات تضليل إعلامي». وأعلن مشغّل الكهرباء في بولندا عن إرسال مروحيّات ومسيّرات لمراقبة شبكة الاتصال بليتوانيا.
وفي إستونيا، سينتشر عناصر من الشرطة ومتطوّعون في منشآت كهربائية أساسية حتّى نهاية الأسبوع المقبل للتصدّي لمحاولات تخريب محتملة. وبعد انفصال دول البلطيق عن الشبكة، سيعمل نظام الكهرباء في كالينينغراد «بشكل منفصل» من دون ربطه بشبكة روسيا القارية. وردّاً على سؤال حول هذا الموضع، قال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف الأسبوع الماضي، إن روسيا التي تحسبت مسبقاً لما فعلته دول البلطيق الثلاث «اتّخذت كلّ التدابير اللازمة لتضمن أن يعمل نظامها الموحّد للطاقة بشكل موثوق وغير منقطع».
توتر تمهيدي
الخطوة المشتركة لدول البلطيق الثلاث، سبقتها توترات في المنطقة، لم تكن معزولة على المشهد الأشمل للصراع بين روسيا و«الناتو». ففي السابع عشر من الشهر الماضي، أشار تقرير نشره موقع «سكاي نيوز عربية» إلى ما يشير لعادة رسم خريطة التوترات العالمية في بحر البلطيق، حيث تتقاطع المصالح الاستراتيجية بين روسيا وحلف الناتو.
وأعلن الحلف في ذلك الوقت عن إطلاق عملية «حارس البلطيق» لتعزيز المراقبة في المنطقة. ترافق ذلك مع اتهامات غربية لروسيا بتخريب كابلات بحرية حيوية. ونقل الموقع حينها عن الأكاديمي والباحث السياسي محمود الأفندي قوله إن تلك العملية «محاولة لاستفزاز روسيا».
هناك جيب كالينينغراد، المعقل الروسي في بحر البلطيق، على رأس قائمة المناطق الأكثر توتراً. تُحاصره بولندا وليتوانيا من كل الجهات، ما يجعله في مواجهة مباشرة مع «الناتو».
ومنذ 2013، عززت موسكو وجودها العسكري في المنطقة بنشر صواريخ إسكندر القادرة على حمل رؤوس نووية، كرسالة واضحة للحلف. وإذا كان صحيحاً أن كالينينغراد تمثل الخاصرة الرخوة لروسيا، لكن الأصح أنها نقطة ارتكاز استراتيجي في البحر، وأي محاولة للمساس بها ستعتبر إعلان حرب.
اللعبة القديمة
الصراع في بحر البلطيق يُعيد للأذهان النظرية الكلاسيكية التي تقول، إن «من يسيطر على البحار يسيطر على العالم». ومع انتقال الصراع من أوكرانيا إلى البحار، يبدو أن الجغرافيا المائية أصبحت ساحة رئيسية لتصفية الحسابات.
فهل ما يجري في البلطيق «بروفة تمهيدية» قبل نقل التصعيد إلى مناطق أخرى، مثل بحر الصين الجنوبي، ما يفتح الباب أمام مواجهات أكثر شمولاً؟ ومع إدراك موسكو بأن الرد العسكري المباشر قد يُشعل مواجهة شاملة خطيرة على الجميع والعالم، فإنها تعتمد سياسة الردود المحسوبة بعناية وبنفس طويل معروف تاريخياً عن الروس. وربما مع اقتراب نهاية حرب أوكرانيا، يبقى بحر البلطيق اليوم بؤرة التوتر المحتملة بين الناتو وروسيا، إلا إذا رأى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجباً للتهدئة في أوكرانيا، موجباً كذلك في جبهات أخرى.
0 تعليق