تنتشر مشاعر الخوف بين الأسر المهاجرة في أعقاب المداهمات التي تنفذها إدارة الهجرة والجمارك الأميركية للقبض على المهاجرين غير الشرعيين، تنفيذاً لسياسات إدارة الرئيس، دونالد ترامب، في مجال الهجرة، إذ يبقى العديد من طلاب «المهاجرين» في منازلهم لتجنّب أي ترحيل محتمل لأسرهم.

قبل أسبوع، دار حديث بين إيفا وابنها البالغ سبع سنوات حول الترحيل، حيث لم تكن إيفا ترغب في الخوض في مثل هذه الشؤون، إلا أن ابنها الصغير ظل يسألها لأيام عما يجري، وعما يشاهده على شاشات التلفزيون من احتجاز للمهاجرين وترحيلهم.

وترد عليه إيفا بحزن: «يا صغيري، ليس لدينا أوراق، ولم نولد هنا.. هم يلاحقوننا، إذا حدث لنا ذلك يا صغيري، إذا لم آتِ ذات يوم لأخذك من الحافلة المدرسية، فلا تبكِ، سترسلك عمتك إليّ في المكسيك».

ينقبض قلب إيفا كل يوم عندما ترى ابنها وهو يغادر منزله في برونكس بحافلة المدرسة كل يوم عند السادسة صباحاً، ولا يعود حتى السادسة مساء.

لكن ابنتها الكبرى، البالغة 16 عاماً، لديها فكرة تقريبية عن معنى الترحيل، وهي أنه يتم تحميل الرجال في شاحنات وإعادتهم إلى المكان الذي غادروا منه إلى أميركا قبل عامين.

وسألت والدتها عما إذا كان بوسعها البقاء في المنزل وعدم الذهاب إلى المدرسة، حيث كانت إيفا تستجيب للطلب في بعض الأحيان.

وخلال الأسبوع الماضي، سمحت إيفا لأطفالها بالتغيب عن حصص دراسية لمدة يومين.

وتقول: «عندما أرسلهم إلى المدرسة، أدعو الله أن يحفظهم، لأننا لا نعرف ماذا سيحدث لهم، لكنني مضطرة أن آمرهم بالذهاب، لأن المدرسة تتعقب حالات الغياب، وهذا يؤثر في درجاتهم، ويسألونني: ماذا يحدث إذا أمسكوا بي يا أمي؟ ماذا أقول لهم؟ أقول لهم: حسناً، لا تقولوا أي شيء، لا تتحدّثوا عن ذلك».

لم يمض على تولي ترامب منصب الرئاسة سوى بضع ساعات عندما أعلن مدير وزارة الأمن الداخلي، بنيامين هوفمان، أنه سيسمح لوكالات إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك وحماية الحدود الأميركية، بتطبيق قانون الهجرة.

وقال في بيان وقتها: «لن يتمكّن المجرمون بعد الآن من الاختباء في مدارس وكنائس أميركا لتجنّب الاعتقال»، مشيراً إلى أن الأماكن التي كانت تعتبر ذات يوم «ملاذات آمنة» لن تؤثر بعد الآن في خطة الجمهوريين لترحيل ملايين المهاجرين من البلاد.

وردّت مدن

عديدة بأنها لن تتعاون مع الحكومة الفيدرالية في مثل هذه المداهمات.

ومن لوس أنجلوس إلى شيكاغو، أعلنت سلطات المدارس معارضتها استبعاد الطلاب غير المسجلين.

وفي دنفر أعلنت منطقة المدارس العامة في المدينة أنها «ملتزمة بتوفير بيئات عادلة وشاملة، كي يشعر جميع الطلاب بالأمان والدعم، بغض النظر عن وضعهم بشأن الهجرة».

ومع ذلك، في جميع أنحاء البلاد، يعيش الآباء في خوف من إرسال أطفالهم إلى المدارس.

وصوتت إدارة التعليم في مدينة نيويورك - التي تشرف على تعليم نحو 48 ألف طالب غير موثّق والذين هاجرت عائلاتهم إلى الولاية بأعداد كبيرة منذ بداية صيف عام 2022 - لصالح قرار يؤكد دعم الطلاب غير الموثّقين.

وترفض هذه المدارس التعاون مع عملاء إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، وتمنعهم من دخول الفصول الدراسية دون سابق إنذار ودون أمر قضائي.

قبل بضع أسابيع، أعلنت مستشارة مدارس مدينة نيويورك، ميليسا أفيليس راموس، التزامها الثابت بحماية الطلاب، قائلة: «أعرف عن كثب مدى أهمية أن تكون مدارسنا أماكن آمنة لأطفالنا، نحن ملتزمون بحماية حق كل طالب في الالتحاق بالمدارس العامة، بغض النظر عن حالة الهجرة، أو الأصل القومي أو الدين».

ويقول المدير الأول في شبكة المدارس العامة الدولية، إدواردو أنتونيتي، الذي تدعم شبكته 17 مدرسة في المناطق المدرسية الخمس في نيويورك، وتعمل مع الطلاب المهاجرين واللاجئين، إنه «على الرغم من أن المناخ الحالي يتميز بالخوف وعدم اليقين»، يجب على الآباء والأطفال المهاجرين الذين يخشون الذهاب إلى المدرسة أن يبقوا «هادئين، لأن إدارة التعليم في مدينة نيويورك، ومجموعة واسعة من المنظمات المجتمعية، بما في ذلك منظمتنا، ملتزمة بضمان سلامة الطلاب، وأنهم موضع ترحيب».

وحث أنتونيتي الآباء على أن يتأكدوا من أن مدارس أبنائهم لديها قائمة محدثة بجهات الاتصال في حالات الطوارئ، أو في حالة احتجاز الوالدين أو مقدمي الرعاية، مع إمكانية النظر في وضع خطط للوصاية القانونية لأطفالهم كإجراء احترازي في حالة انفصال الأسرة، والتشاور مع محامٍ إذا كانت لديهم شكوك بشأن وضعهم في الهجرة. عن صحيفة «إل باييس»

. إدارة التعليم في نيويورك، التي تشرف على تعليم 48 ألف طالب مهاجر، صوّتت لمصلحة قرار يدعم الطلاب غير الموثّقين.

. من لوس أنجلوس إلى شيكاغو، أعلنت سلطات المدارس معارضتها استبعاد الطلاب غير المسجلين.