نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: إيلون ماسك أبرزهم.. «مافيا باي بال» وعلاقتها بالنازية والعنصرية في جنوب أفريقيا وترامب - الخليج الان اليوم الثلاثاء 11 فبراير 2025 08:23 مساءً
عندما يصبح أغنى أغنياء العالم والمسيطرين على اقتصاد أمريكا وربما الاقتصاد الدولي، كلهم نتاج شركة واحدة، فالأمر يثير الشكوك، وعندما يكونون كلهم على علاقة بجنوب أفريقيا، فالأمر يعمق الشكوك بشكل أكبر، فإذا كانوا جميعاً قد دعموا الرئيس الأمريكي ترامب، والذي كانت أول ضحاياه بالتصريحات بعدما تولى حكم الولايات المتحدة هي جنوب أفريقيا والبيض في تلك الدولة الأفريقية، فالأمر بما لا يدع مجالاً للشك يحمل في طياته الكثير من التفاصيل.. فما هي؟!
عندما امتدت ذراع إيلون ماسك في تحية صارمة خلال احتفالات تنصيب دونالد ترامب، لاحظ المشاهدون المذهولون المقارنة الواضحة على الفور.
لم يكن ماسك وحده، فهو جزء من عصابة "مافيا باي بال" المكونة من مليارديرات ليبراليين، ينحدرون من جنوب إفريقيا في ظل حكم البيض، وأصبح لهم تأثير هائل في صناعة التكنولوجيا والسياسة الأمريكية.
من بينهم بيتر ثيل، الملياردير الألماني المولد والمستثمر المغامر والمؤسس المشارك لباي بال، الذي تلقى تعليمه في مدينة بجنوب إفريقيا في السبعينيات حيث كان يُحتفى بهتلر علنًا. كان ثيل، أحد كبار المانحين لحملة ترامب، ناقدًا لبرامج الرعاية الاجتماعية ولحقوق النساء في التصويت، باعتبارهما تقويضًا للرأسمالية.
وسلطت سيرة ذاتية نُشرت عام 2021 عن ثيل، بعنوان «المخالف»، الضوء على أنه دافع عن الفصل العنصري خلال دراسته في جامعة ستانفورد باعتباره «اقتصاديًا مجديًا».
ديفيد ساكس، المدير التنفيذي السابق للعمليات في باي بال وأحد أبرز جامعي التبرعات لحملة ترامب، وُلد في كيب تاون ونشأ في الشتات الجنوب أفريقي بعد أن انتقلت عائلته إلى الولايات المتحدة عندما كان صغيرًا.
أما العضو الرابع في هذه "المافيا"، رولوف بوتا، فهو حفيد وزير الخارجية الأخير لنظام الفصل العنصري في كيب تاون، بيك بوتا، والمدير المالي السابق لباي بال، لكنه حافظ على مكانة سياسية أقل ظهورًا بينما ظل مقربًا من ماسك.
لكن ماسك يتميز عنهم بامتلاكه منصة «X»، التي أصبحت بشكل متزايد ساحة لوجهات النظر اليمينية المتطرفة، وعلاقته الوثيقة بترامب، الذي رشحه لرئاسة "إدارة كفاءة الحكومة"، بهدف تقليص البيروقراطية الفيدرالية بشكل جذري.
نشأة وتراتبية
وفي تقرير نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية يرى البعض صلة مباشرة بين نشأة ماسك ضمن نظام معقد من التراتبية العرقية كذكر أبيض في بلد مزقته التوترات الداخلية بسبب قمع الحكومة الجنوب أفريقية المتزايد مع تصاعد مقاومة الفصل العنصري، وبين الرجل الذي نراه اليوم بجانب ترامب.
قبل أسبوع من تنصيب ترامب، وصف مستشاره السابق ستيف بانون الجنوب أفريقيين البيض بأنهم "أكثر الناس عنصرية على وجه الأرض"، وانتقد تورطهم في السياسة الأمريكية، قائلًا إن ماسك شخصية خبيثة ينبغي أن يعود إلى بلده الأصلي.
لكن هناك من يشكك في أن آراء ماسك المتطرفة بشكل متزايد تعود إلى نشأته في بريتوريا، فقد وصف الكاتب الجنوب أفريقي البارز جوني ستاينبرغ المحاولات لتفسير سلوك ماسك من خلال طفولته في ظل الفصل العنصري بأنها "فكرة سيئة" تؤدي إلى استنتاجات "سطحية".
ومع ذلك، فإن أولئك الذين يسعون إلى ربط النقاط يجدون مادة غنية من حياة ماسك المبكرة، بدءًا من جده الذي كان معاديًا للسامية وانتقل من كندا إلى جنوب إفريقيا لأنه أحب فكرة الفصل العنصري، وصولًا إلى تعليمه الثانوي في نظام كان مشبعًا بأيديولوجيا تفوق البيض.
نشأة ماسك
خلال نشأة ماسك في الثمانينيات، كانت الأحياء السوداء تغلي بالتمرد، ما دفع الحكومة إلى فرض حالة الطوارئ وشن حملات قمع دموية. بعض البيض فروا من البلاد، بينما انضم آخرون إلى "حركة المقاومة الأفريقية" اليمينية المتطرفة لمقاومة أي تخفيف لنظام الفصل العنصري.
جنوب إفريقيا التي وُلد فيها ماسك عام 1971، والتي انتقل إليها ثيل كطفل من ألمانيا، كانت تحت حكم رئيس الوزراء جون فورستر، الذي كان جنرالًا في ميليشيا فاشية قبل ثلاثة عقود وتحالف بالفعل مع هتلر.
وقبل الحرب العالمية الثانية، تأسست منظمة «أوسيوبرواندواغ»، التي عارضت دخول جنوب إفريقيا الحرب إلى جانب بريطانيا، وتآمرت مع الاستخبارات الألمانية لاغتيال رئيس الوزراء يان سموتس كخطوة تمهيدية للتمرد المسلح دعمًا لهتلر.
ولم يُخف فورستر تعاطفه مع النازية، بل قارنها بالفلسفة السياسية للأفريقيين المعروفة باسم "القومية المسيحية"، قائلًا في عام 1942: "نحن نؤيد القومية المسيحية، وهي حليف للاشتراكية القومية، يمكنك أن تسمي هذا المبدأ غير الديمقراطي بالديكتاتورية إذا شئت، في إيطاليا يسمونها فاشية، في ألمانيا الاشتراكية القومية الألمانية، وفي جنوب إفريقيا القومية المسيحية".
وفي أعقاب الحرب، تم دمج «أوسيوبرواندواغ» في الحزب الوطني، الذي فاز في انتخابات عام 1948 – وهي انتخابات لم يكن للسود فيها حق التصويت – على وعد بفرض نظام الفصل العنصري رسميًا.
ورغم هزيمة النازية في أوروبا، استمرت القومية المسيحية في جنوب إفريقيا تحت حكم فورستر، متخذة أشكالًا جديدة من التصنيف العرقي والقمع للحفاظ على ما يُسمى بـ"الخطر الأسود" تحت السيطرة.
في المدارس، سعى نظام التعليم القومي المسيحي إلى تشكيل الهوية الوطنية حول رواية تاريخية واحدة، حيث تعلم ماسك وثيل أن الأفريقيين – وهم في الغالب أحفاد المستعمرين الهولنديين – كانوا الضحايا الحقيقيين في جنوب إفريقيا، سواء بسبب الإمبرياليين البريطانيين الطامعين أو زعماء الزولو "الخونة".
نوايا
في هذا السياق، لم يكن من المستغرب أن يركز النقاش حول نوايا ماسك، بعد تحيته المثيرة للجدل، على جذوره في جنوب إفريقيا في عهد الفصل العنصري.
وفي الأشهر الأخيرة، زادت ترويجات ماسك لنظريات المؤامرة اليمينية المتطرفة، من عدائه المتزايد للمؤسسات الديمقراطية إلى دعمه لحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف. كما أبدى اهتمامًا مريبًا بعلم الوراثة، بينما دعم مزاعم حول "إبادة جماعية بيضاء" في موطنه الجنوب أفريقي، وساند منشورات تروج لنظرية المؤامرة العنصرية المعروفة بـ"الاستبدال العظيم".
فيليب فان نيكيرك، رئيس التحرير السابق لصحيفة «ميل آند جارديان» المناهضة للفصل العنصري، يقول إن جميع البيض في جنوب إفريقيا تربوا على شعور ضمني بأنهم "العرق المتفوق"، حتى لو لم يعبروا عنه بوعي.
وأضاف: "الحقيقة أننا لم نر السود كأنداد لنا. لم نفكر في ذلك ببساطة".
وغادر إيلون ماسك جنوب إفريقيا عام 1988، قبل عامين من إفراج إف دبليو دي كليرك عن نيلسون مانديلا وبدء مسيرة البلاد نحو الحرية، ولو بقي هناك، لكان مجبرًا على الخدمة العسكرية لعامين، ما كان يعني إما القتال في "حرب الحدود" في أنغولا وناميبيا، أو قمع احتجاجات السود في البلدات.
لكنه بدلاً من ذلك، حصل على الجنسية الكندية عبر والدته وانتقل إلى أونتاريو، ومع ذلك، يعتقد فان نيكيرك أن ماسك، سواء اعترف بذلك أم لا، حمل معه جزءًا من جنوب إفريقيا، وقال فان نيكريك: "نحن جميعًا، كبيض جنوب أفريقيين، نشأنا على الاعتقاد بأننا العرق المتفوق، حتى لو لم نعبر عن ذلك علنًا".
والحقيقة أن تجمع تلك الثلة من المليارديرات الذين توحدوا في النشأة ومصدر الثروة والانتماء الفكري والعقائدي، من الصعب أن يكون مجموعة من الصدف المتوالية، وأغلب الظن أن عصابة «باي بال» متحدة مع الرئيس الأمريكي ترامب لخدمة أهداف محددة، واتحاد السلطة والمال ليس إلا اتحاد لتحقيق هدف على الأغلب هو عقائدي، وليس محموداً على الإطلاق.
0 تعليق