مسيرة ثلاثيَّة ملكوتيَّة - الخليج الان

0 تعليق ارسل طباعة

شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: مسيرة ثلاثيَّة ملكوتيَّة - الخليج الان ليوم السبت 8 فبراير 2025 02:32 صباحاً

يُدخلنا زمن الصوم المبارك والَّذي يعرف ليتورجيًّا باسم زمن التريودي[1] في مسيرة توبة تصاعديَّة تتألَّف من ثلاث مراحل، تبدأ من أحد الفرِّيسيِّ والعشَّار وتنتهي بالسبت العظيم المعروف بسبت النور، الَّذي فيه نخلع لون الصوم الليلكيِّ ونلبس لون القيامة الأبيض، لندخل في اليوم التالي، أي أحد الفصح العظيم، مع بداية زمن جديد خمسينيٍّ يدعى بندكستاريون وينتهي مع أحد جميع القدِّيسين، وهو الأحد الَّذي يلي أحد العنصرة.

المراحل الثلاث هي التهيئة، والصوم الأربعينيُّ والأسبوع العظيم.

مرحلة التهيئة تتضمَّن أربعة آحاد كالتالي: الفرِّيسيّ والعشَّار، الابن الشاطر، أحد الدينونة المعروف بأحد مرفع اللحم، وأحد الغفران المعروف بأحد مرفع اللحم. ويسبق أحد مرفع اللحم سبت الراقدين.

مرحلة الصوم الأربعينيِّ تتضمَّن خمسة آحاد كالتالي: أحد الأرثوذكسيَّة، القدِّيس غريغوريوس بالاماس، السجود للصليب المقدَّس، القدِّيس يوحنَّا السُلَّميّ، القدِّيسة مريم المصريَّة.

مرحلة الأسبوع العظيم، تبدأ مع صلاة الختن، أي العريس، وهي صلاة سحر الإثنين العظيم، وتقام مساء أحد الشعانين لكي يستطيع الناس الحضور، وتنتهي مع سبت النور الَّذي ينثر فيه الكاهن ورق الغار في الكنيسة، ورقة الغلبة والانتصار، وهو يصرخ: «قم يا ألله واحكم في الأرض». وفي هذا اليوم العظيم يسطع النور الإلهيُّ من قبر الربِّ يسوع المسيح في أورشليم، وهو حدث مستمرٌّ بدأ بقيامة المسيح من القبر، معلنًا أنَّ الربَّ أضاء ظلمة الجحيم وبدَّدها، وسيقوم في اليوم الثالث. فنحن نصرخ: «المسيح قام» تحضيرًا للهجمة مباشرة في سحر الأحد، وبعدها ندخل الكنيسة فرحين بالقيامة العظيمة، حاملين الشموع إشارة إلى نور الربِّ الَّذي لا يعروه مساء.

يسبق بداية الأسبوع العظيم سبت إقامة لعازر وأحد الشعانين، وهما يومان استباقيَّان للقيامة المجيدة، يفصلان المرحلة الثانية عن المرحلة الثالثة. يعتبر سبت لعازر قياميًّا بحيث يقول الكاهن في الدورة الصغرى وهو حامل الإنجيل المقدَّس، إعلان القيامة الَّذي يقال في الآحاد، وهو: «خلِّصنا يا ابن الله يا من قام من بين الأموات»، وذلك بدل «خلِّصنا يا ابن الله يا من هو عجيب في قدِّسيه»، وهو الإعلان الَّذي يقال في القداديس الَّتي تقام في سائر الأسبوع. تخبرنا الكنيسة من خلال هذا الترتيب الليتورجيِّ عن القيامة من بين الأموات الَّتي سيحقِّقها الربُّ بعد موته في الجسد على الصليب. هذا الأمر يجعلنا ندخل "الأسبوع العظيم" برجاء القيامة وفرح الانتصار على الموت والجحيم بالرغم من كلِّ عذابات عمليَّة الصلب وكلِّ ما عاناه يسوع قبلها وعلى الصليب، لهذا ندعو الأسبوع "الأسبوع العظيم" لأنَّ انتصار الربِّ كان عظيمًا، وقد جعلنا شركاء الغلبة الإلهيَّة لأنَّنا أبناؤه بالتبنِّي. فَرَحُنا واضحٌ في تقاريظ الجنَّاز في يوم الجمعة العظيم، فالكلمات قياميَّة بامتياز.

وهنا لا بدَّ من التأكيد أنَّ كلَّ الليتورجيَّة هي ليتورجيَّة قياميَّة، في دورتها اليوميَّة والأسبوعيَّة والسنويَّة، وكلِّ الأعياد الكبيرة وأعياد القدِّيسين والقدِّيسات على مدار السنة. فالنفَسُ القياميُّ لا يغيب عن الصلوات والتراتيل والأناشيد، لأنَّ الإيمان المسيحيَّ إيمان قياميٌّ. كيف لا والَّذي تجسَّد ليعطينا الحياة الأبديَّة هو الربُّ الإله القدُّوس القادر على كلِّ شيء، والضابط الكلَّ؟

يبقى لنا نحن المؤمنين ألَّا نكتفي بجمال الألحان البهيَّة وجمال الصلوات وعمق كلماتها الخلاصيَّة، ونعيشها لا سمح الله كمن يستمع إلى الطرب ويسكر فيه، أو كمَّن تتدغدغ أحاسيسه بالأدب والشعر، وينتفخ عقله بالمعرفة بهدف التباهي ويبقى القلب بعيدًا. هذا فخٌّ يسقطنا إلى عمق دركات الجحيم، لأنَّ دخول الجمال الليتورجيِّ الأرثوذكسيِّ في صلاة النوم الكبرى والمديح، هدفه الموت عن الذّات وارتقاء الإنسان بالكلِّيَّة إلى الملكوت السماويِّ، وجعل الربِّ يفرح طربًا بنا مع جميع أهل السماء، هذا إذا سِرنا فعلًا مسيرة التوبة الصادقة، ومقَتْنا التكبُّر والانتفاخ.

لهذا، مدخل زمن التريودي الخشوعيِّ هو المثل الَّذي أعطاه الربُّ للفرِّيسيِّين ولنا جميعًا، مثل الفرِّيسيِّ والعشَّار، وذلك كي لا نكون مثل الأوَّل بل نماثل الثاني بتضرُّعه إلى الربِّ وصلاته الخشوعيَّة: «أللهُمَّ ارحمني، أنا الخاطئَ» (لوقا 18: 13).

إلى الربِّ نطلب.

[1]. كلمة تريودي تعني الثلاث أوديات (قصائد). الأودية هي قطعة مرتلة من القانون الذي يتلى في صلاة السحر، عدد الأوديات في كل قانون تسع. إلا أن الأودية الثانية حذفت في كل أيام السنة عدا في أيام الصوم الأربعيني.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق