نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الكونغو الديموقراطية.. حرب تؤججها "معادن التكنولوجيا" - الخليج الان اليوم الاثنين 3 فبراير 2025 09:08 مساءً
بعد غياب طويل، عادت الكونغو الديموقراطية (زائير سابقاً) إلى واجهة الأحداث، بعد تصاعد وتيرة القتال بين الجيش الكونغولي وحركة "إم 23" الجناح المسلح لإثنية التوتسي بالكونغو الديمقراطية (تأسست عام 2012)، بالتزامن مع تعثر المفاوضات بين الكونغو ورواندا، واستولت الحركة على مزيد من الأراضي في منطقة كيفو الشمالية، بينما أدى اشتداد المعارك إلى نزوح نحو ربع مليون شخص حتى النصف الأول من يناير 2025، وتسبب في معاناة إنسانية متفاقمة داخل الإقليم المضطرب.
عموماً، يصوَّر النزاع بين القوات المدعومة من رواندا وجمهورية الكونغو الديموقراطية على أنه معركة للسيطرة على المعادن الثمينة التي تشغّل الإلكترونيات في العالم، حيث توفر الكونغو الديموقراطية ورواندا معا نحو نصف حاجات العالم من الكولتان، وهو الخام المعدني الضروري في صناعة الهواتف والحواسيب المحمولة.
والكولتان هو خام معدني يعد مصدراً رئيسياً لمعدن التانتالوم، الذي يُستخدم في صناعة الإلكترونيات المتقدمة مثل المكثفات في الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر، والمعدات الطبية، وحتى في الصناعات الفضائية والعسكرية ويعرف باسم "المعدن الدموي".
ويفيد خبراء الأمم المتحدة ومجموعات حقوقية ومحللون بأن رواندا تهرّب كميات هائلة من الكولتان، إلى جانب الذهب ومعادن أخرى، إلى خارج شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية وتبيعها على أنها هي المنتجة لها، فيما تتهم كينشاسا رواندا بدعم جماعة "إم23" المسلحة التي ظهرت مجدداً في شرق الكونغو الديموقراطية عام 2021 وتسيطر على العديد من مناجم المنطقة.
وسيطرت الجماعة في أبريل الماضي على روبايا التي تنتج مناجمها نحو 15 % من موارد الكولتان العالمية، بحسب خبراء الأمم المتحدة الذين تفيد تقديراتهم بأن "إم23" تجني نحو 800 ألف دولار شهرياً من هذه التجارة.
وانتزعت حركة "إم23" الأسبوع الماضي مركز نقل رئيسياً من غوما عند الحدود الرواندية، ما أسفر عن سقوط مئات القتلى، فيما تتقدّم جنوباً باتّجاه مقاطعة جنوب كيفو المجاورة.
وقال المحامي روبرت أمستردام الذي رفع قضية جنائية ضد "آبل" في ديسمبر باسم الحكومة الكونغولية، إن الحكومات والشركات الغربية تتحمّل المسؤولية في نهاية المطاف. وأكد أن "قطاع التكنولوجيا موّل جرائم الحرب الرواندية".
وأفادت "آبل" في البداية بعدم وجود "أساس منطقي للاستنتاج" بأن منتجاتها تحتوي على معادن تم تصديرها بشكل غير قانوني من جمهورية الكونغو الديموقراطية ورواندا.
أمستردام أوضح أن "آبل" "أقرت الآن بأنه لا يمكنها تمييز مصدر المعادن، ما يعني أن كل سلاسل الإمداد التابعة لكل شركات التكنولوجيا ملطخة بنفس القدر" بدماء السكان المحليين".
واعترضت "آبل" "بشدة" على هذه الادعاءات، قائلة إنها "منخرطة بعمق" في التوريد المسؤول للمعادن.
تنفي رواندا تهريب المعادن بشكل غير قانوني إلى خارج جمهورية الكونغو الديموقراطية، لكن الأمر لا يعد مقنعاً بالنسبة إلى المحللين، حيث يقول غيوم دو برييه من "خدمة معلومات السلام الدولية" المتخصصة بالمنطقة إن "رواندا على الدوام على رأس أكبر 10 مصدّرين للكولتان. يعرف الجميع أن ذلك مستحيل مع الاحتياطات التي يملكونها. من الواضح أن هذا الكولتان يأتي من جمهورية الكونغو الديموقراطية".
مع ذلك، أشار دو برييه إلى أن المعادن ليست المحرك الأساسي لنزاع "إم23"، مضيفاً أن التهريب يتم سواء كانت رواندا تنشط عسكرياً في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية أم لا.
وأفادت شركة "أجانس إيكوفان" للبيانات بأن صادرات رواندا من الكولتان ارتفعت في الفترة بين 2014 و2018 عندما كانت حركة "إم23" خامدة، رغم زيادة "غير مسبوقة" في صادراتها عام 2023، بحسب الأمم المتحدة.
ولا يتطلب إقناع عمال المناجم الكونغوليين بالبيع لرواندا جهداً كبيراً، نظراً إلى أن الأمر يوفر عليهم الأعمال الورقية المنهكة والضرائب.
وقال دو برييه: "نتحدث عن أشخاص لا يأكلون إذا لم يجنوا المال في أحد الأيام. يرون أنه من الأفضل بكثير البيع للروانديين الذين يدفعون جيداً ونقدا".
وهناك محركات أخرى للتصعيد الحالي في النزاع، من بينها العداوة الشخصية بين الرئيس الرواندي بول كاغامي ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، لكن المخاوف المحلية هي الأهم، بحسب دو برييه الذي قال إنه "بالنسبة إلى الإعلام، فإن ذلك يعد أقل جذباً من التحدث عن النزاعات من أجل المعادن.. لكن هؤلاء الأشخاص مزارعون، والقضية الحقيقية هي ملكية الأراضي".
كارثة
تستند "إم23" في الأساس إلى ادعائها الدفاع عن أقلية التوتسي المهمّشة تاريخياً في الكونغو الديموقراطية.
وقال دو برييه: "يحاولون تفكيك الأنظمة التقليدية في إدارة الأراضي من قبل زعماء قبائل محليين".
تشير "خدمة معلومات السلام الدولية" إلى أن المعادن لا تسهم إلا في جزء من تمويل "إم23" الذي يشمل أيضاً مبلغاً شهرياً مقداره 69500 دولار كرسوم على الحواجز وضرائب على العائلات والعمالة القسرية في مجال الزراعة، فضلاً عن تهريب الخشب والفحم.
لكن ذلك كله لا يعفي الغرب من مسؤولية المساهمة في تغذية الاضطرابات، بحسب أمستردام.
وقال "كانت هذه كارثة أنتجتها التكنولوجيا".
ويأمل في أن يؤدي قرار "آبل" وقف التوريد من المنطقة إلى "موجة تغيير في قطاع التكنولوجيا بأكمله".
لكن التركيز على "النزاع من أجل المعادن" قد يطغى على محركات أخرى للعنف في إحدى مناطق العالم الأكثر اضطراباً.
0 تعليق