شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: عودة الحريري بنسخة 2.0 في ميزان الطائفة السنيّة - الخليج الان ليوم الأربعاء 12 فبراير 2025 03:34 صباحاً
عاد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري من منفاه السياسي الذي اختاره بعد ان ادرك ان الدول، وخاصة المملكة العربية السعودية، كانت عقدت العزم على قطع كل السبل المؤدية الى استرجاع حياته السياسية، فالتزم بالانسحاب الى الامارات حيث اخذ راحة قسرية من السياسة، هو وتيار المستقبل، فغابا عن الاستحقاقات اللبنانية وكل التطورات التي حصلت في السنوات الماضية، بعد سقوط حكومته.
كانت هذه الفترة قاسية على "المستقبليين" الذين وجدوا انفسهم خارج اللعبة الداخلية بشكل تام، ولكنهم اليوم عادوا بقوة الى الساحة، بعد التطورات الاخيرة التي طرأت. ويمكن القول ان هذا الانقطاع الموقت، كان بادرة خير على الحريري وتياره، فهو ابتعد عن كل الامور السيئة التي شهدها لبنان خلال الفترة الماضية، والاهم ان الطائفة السنيّة في لبنان عانت الامرّين من غياب مرجعية سياسية لها، فلا رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي استطاع ملء الفراغ، ولا النواب المستقلين الذين نزلوا الى الساحة لاحداث التغييرات اللازمة، اذ لم يكونوا على قدر المسؤولية او بحجم الفراغ الذي حصل. والحق يقال ايضاً، ان اللبنانيين، ومنهم ابناء الطائفة السنيّة، اعتادوا الالتزام بالعادات والتقاليد والزعماء، فلم يبحثوا عن وجهة سياسية سنيّة قادرة على جمعهم، على غرار الحريري، وبقوا على التزامهم بقديمهم، ربما خوفاً من جديدهم، ولعله كان من الممكن ايجاد الشخصية المنشودة، ولو انها بعيدة عن نوادي الاسماء السياسية الرنانة التي اعتادت توريث الزعامة عبر الاجيال.
يعود الحريري اليوم عودة "البطل"، بعد ان تم محو كل آثامه ومشاكله واخطائه السياسية السابقة، يعود بنسخة جديدة هي 2.0، اي النسخة المحدثة منه والتي من المتوقع ان تكون اكثر نضجاً وخبرة، خصوصاً بعد الاعتياد على رؤية المشاكل من زاوية مختلفة ومقاربتها بطريقة مختلفة. يعود وليس امامه اي مارد سنيّ ليواجهه، بل بعض الافرقاء المشتتين الذين لا يستطيعون التأثير على جمع كبير من الناس، فيما الاكثرية السنيّة ستقف حتماً الى جانب ابنها العائد بعد غياب اعتبروا انه طويل. فما الذي ستغيّره عودة رئيس الحكومة السابق الى الحياة السياسية؟ ان اول تغيير سيكون عملياً في اجتذاب الصوت الشعبي السنيّ، بحيث سيبدأ التحضير للانتخابات منذ اليوم، مع افضلية واضحة موجودة سلفاً لجهة كسب التأييد، وسيكون يوم 14 شباط المقبل، موعداً لاظهار حجم هذا التأييد الذي سيكون على قدر التوقعات الموضوعة من قبل مسؤولي تيار المستقبل. هذا اليوم سيؤخذ على انه يوم "استفتاء" سنيّ لشعبية تيار المستقبل ورئيسه، وستكون الشخصيات السنيّة السياسية الاخرى بالغة القلق على مصيرها في الحياة العامة، اذ لن يكون من الممكن بعدها القفز فوق الحريري عند اتخاذ اي قرار سياسي يتعلق بالطائفة. ولن يكون غريباً رؤية شخصيات من هذه الطائفة تعود الى تيار المستقبل لنسج العلاقات معه او اعادة احيائها، تأميناً لاستمراريتها في الحياة العامة. ومن الطبيعي ان يعود الحريري الخيار الاول في ترؤس الحكومة في المرحلة المقبلة، من دون الحاجة الى البحث عن شخصية من هنا او هناك، قادرة على ارضاء الطائفة من جهة، وعلى التوافق مع باقي الافرقاء من جهة ثانية، فهذه الصفات موجودة عند رئيس تيار المستقبل، وهو حاضر ان يعيدها الى سيرته الذاتية عند الحاجة.
وعليه، يبقى معرفة طبيعة العلاقة التي ستحكم الحريري والسعودية، وهل ستكون "رسمية" ام ستعود اليها الحرارة ولو تدريجياً، علماً ان عودته الى لبنان لممارسة السياسة من جديد، لم تكن لتحصل لولا رفع "الفيتو" الموضوع من قبل الرياض، وهذا مؤشر الى رغبة سعودية في اعطائه فرصة ثانية، واكتشاف ما تعلّمه من فترة الغياب القسري التي عاشها في الامارات.
عاد الحريري، تحضروا لغياب الشخصيات اللبنانية السنيّة عن الساحة.
0 تعليق